هل ارتفعت الأسعار في الأسواق السويسرية؟ المتسوقون: في الأسبوع الأول زاد الطلب.. والآن كل شيء كالمعتاد..
(سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
بعد مرور نحو شهر من الإجراءات الاحترازية الشديدة لمجابهة خطر كورونا، كيف تبدو حركة الأسواق في المراكز التجارية السويسرية؟ ..وماهو رأي المتسوقين بمدى توفر السلع التي زاد الطلب عليها؟ .. وهل يشترون بكميات كبيرة لتجنب الخروج من المنزل أطول فترة ممكنة؟.. أم أنهم لايزالون يتبعون نفس الأنماط الاستهلاكية التي اعتادوا عليها؟ .. وهل إجراءات الأمان والسلامة الصحية المتبعة في مراكز التسوق كافية أم لا؟ ..عن هذه الأسئلة وغيرها كانت لنا مؤخراً هذه الجولة في أسواق مدينة بيل- بيين وخرجنا بالتقرير التالي..
إجراءات. وتطمينات..
وفي البدء لابد من معرفة السلع والخدمات المتوفرة حالياً في الأسواق السويسرية.. وكيف يتم تصنيفها رسمياً كاحتياجات أساسية مسموح القيام بالأنشطة الخاصة بها؟
منذ إعلان الحكومة الفيدرالية، قبل أكثر من أسبوعين، دخول البلاد في “وضع الحالة الاستثنائية”، فرضت حظراً على جميع المناسبات العامة والخاصة، وأمرت بإغلاق جميع المؤسسات التعليمية في البلاد والأسواق والمطاعم والمنشآت الرياضية والأماكن الثقافية وغيرها من الأنشطة المشابهة.
لكنها.. استثنت، بالإضافة إلى مؤسسات الرعاية الصحية، متاجر بيع المواد الغذائية والأكشاك ومحال بيع الأطعمة الجاهزة، ومطاعم الشركات وخدمات توصيل الوجبات والصيدليات ومحطات الوقود ومحطات السكك الحديدية والمصارف ومكاتب البريد والفنادق والمرائب ونقاط البيع التابعة لموفري خدمات الاتصالات.
وبينما دعت الحكومة السويسرية السكان للبقاء في المنازل، وعدم مغادرتها إلا في حالة الضرورة القصوى، أكّدت بالمقابل أن الإمدادات اليومية من الادوية والمواد الغذائية متوفّرة ومضمونة، غير أنها اضطرت يوم 18 آذار إلى الإعلان عن تقنين بيع بعض مسكنات الألم الشائعة ومضادات الحمى كالباراسيتامول والإيبو بوفين ، مشيرة إلى إن ذلك لا يعود إلى نقص هذه الأدوية في السوق، بل لمنع التهافت المفرط عليها.
ماهي السلع الأساسية؟
وأثار موضوع حظر الفعاليات والأنشطة التي اعتُبرت “غير ضرورية” من أجل حماية الصحة العامة للسكان، جدلاً بين بعض المختصين فيما هو مهم حقاً للمجتمع أم لا.
فإذا كان السماح لمتاجر البقالة أو الصيدليات أمراً مفهوماً، فإن ممارسة محال الوجبات السريعة والمرائب والأكشاك أنشطتها، المشروطة باحترام قواعد النظافة والتقيد بمسافة الأمان الاجتماعي، أمر يثير أحياناً بعض التساؤلات..
ومن بين هذه الأسئلة: كيف يتم اغلاق المدارس ويسمح بذات الوقت لاستمرار نشاط باعة الأكشاك والسجائر؟
من وجهة النظر الضيقة فإن الأنشطة الضرورية هي التي تلبي الاحتياجات الأساسية والحيوية للبشر، أي الإنتاج الغذائي، من المُزارع إلى محل البيع بالتجزئة، والأنشطة المرتبطة بالرعاية الصحية.. لكن.. هناك وجهة نظر أوسع.. فماهي؟
بحثاً عن التوازن..
بشكل عام، يعتمد تعريف الاحتياجات الضرورية على درجة تطور المجتمع وثقافته وتركيبته السكانية فلا أحد يستطيع الاستغناء (اليوم) عن الإنترنت، كذلك الحال في مقارنة الرعاية الصحية لكبار السن وحق تعليم الأطفال والشباب، أو اعتبار السجائر والصحف سلعاً أساسية.. ومع ذلك كله، لابد خلق توازن صحيح متكامل لتدابير احتواء فيروس كورونا المستجد، انطلاقاً من أن الكائن البشري بحاجة للعيش ضمن مجتمع وكل شخص يحتاج إلى الآخر هذا من جهة.
ومن جهة ثانية تؤكد الأزمة الحالية الإيمان بأن الدولة المتقدمة هي فاعل اجتماعي واقتصادي أساسي، للاستجابة للاحتياجات البشرية على كافة المستويات المالية والصحية والثقافية والاجتماعية، وهذا يتطلب الوعي الاجتماعي لدى جميع فئات المجتمع..
هدوء حذر..!
وخلال جولتنا الأسبوع الماضية على الأسواق لاحظنا الوعي الشعبي للتسوق مصحوباً بالهدوء الحذر، حيث تراجع عدد المتسوقين إلى نحو 50% قياساً للأيام العادية سابقاً باستثناء يوم السبت فقط، وهذا شيء طبيعي فلم تعد زيارة مراكز التسوق، خصوصاً الكبيرة منها، بقصد التمتع بالتسوق وقضاء بعض الوقت في مطاعمها، بل صار التسوق فقط للضرورة القصوى وبلوائح معدة مسبقاً وبكميات تكفي لأسبوع وأكثر.
ولتسهيل عملية تعقيم أيادي الزبائن وتقنين دخولهم، أغلقت مراكز التسوق الكبيرة (الميغرو)و(الكوب) جميع أبوابها باستثناء باب واحد وكذلك مطاعمها وأوقفت أيضاً البيع بالأجنحة المخصصة لغير المواد الأساسية كالملابس والألعاب والورود، بدورها باقي المراكز(الألدي) و( اليدل) و(الدينير) التزمت مداخلها بتوفير مواد التعقيم وحجبت فيها المواد غير الضرورية.
ولوحظ الانضباط الذاتي للمتسوقين بترك مسافة أمان أثناء تنقلهم من قسم إلى آخر وعند صناديق المحاسبة، وفي حال لم ينتبه أحد يتم تنبيهه وتذكيره من قبل الآخرين، وهذا أمر إيجابي..
غياب الأطفال والمسنين
والأمر الآخر الذي لاحظناه غياب كبار السن والأطفال عن مراكز التسويق من جهة، وزيادة الاقبال على التسوق يوم السبت من جهة ثانية، وهذا أمر طبيعي نظراً لأن نسبة كبيرة من المتسوقين لديهم أعمال خلال أيام الأسبوع، ومع ذلك لم نشهد تزاحماً وطوابير كالمعتاد أمام صناديق المحاسبة بل ظلت مسافات التباعد واضحة للعيان.
وقالت كاترين وهي محاسبة: كل شيء هنا على ما يرام بالتزام التعليمات الصحية حيث يعطى لكل متسوق رقماً خاصاً به عند الدخول ويسلمه عند الخروج وبذلك يتم التأكد من تعقيم الأيادي للمتسوقين ، وكذلك هناك حواجز أمان للمحاسبين في جميع الكوات وارتداء القفازات.
وفي سؤالنا عن مدى تغير الأسعار.. أجابت: أبداً لم تتغير وهناك تخفيضات مستمرة للأصناف الموسمية وكل أسبوع لدينا عروض كالمعتاد لمجموعة سلع جديدة خصوصاً للسلع الغذائية الحساسة كالخضار والفواكه واللحوم والأجبان والمعلبات وغيرها.
والتقينا أحد المتسوقين واسمه فيليب عمره 60 عاماً وهو يشتري كميات كبيرة فسألناه: هل تسوقت لشهر كامل، أجاب: لا أنا أتسوق اسبوعياً كل يوم سبت لعائلتي وعائلة ابنتي ولجارتنا الكبيرة في السن حيث استخدم سيارتي الخاص لإيصال ذلك الى البيت.
وعن الأسعار وتوفر المواد قال: الأسعار لم تتغير وأنا أتابع نشرة الإعلانات التي تصلني إلى البيت ولم تنقطع، والمواد متوفرة كالعادة ورغم أن عروض بعضها بكميات أقل نتيجة زيادة الطلب عليها لاسيما المنظفات والعصائر والخبز.
أما المتسوق ناصر وهو شاب في الثلاثين من عمره فقال: تسوقت اليوم ما أحتاج إليه لكامل الأسبوع، والأمور طبيعية جداً ولا أحد يخشى نقص أو ارتفاع في الأسعار، وهناك تطبيق ممتاز للتعليمات الصحية أثناء التسوق والحرص على مسافات تباعد.
وأضاف: بسبب الإجراءات الرسمية توقف عملي والتزمت المنزل، لكنني أخرج كل يوم للتنزه نحو ساعة من الزمن وعند العودة أحرص على غسل يدي جيداً والنظافة دون خوف أو قلق.
التخفيضات مستمرة
والتقينا إحدى السيدة نورا وعمرها 40 عاماً من مدينة (ليس) ولديها عائلة من خمسة أشخاص، وقالت لـ (سويسرا والعرب): الأسواق والمراكز التجارية في مدينة (ليس) مستمرة بنفس النشاط ولم يتغير مواعيد عملها، ولا تزال تبيع بنفس الكميات السابقة.
وأوضحت أن الأسبوع الأول من اعلان حالة الطوارئ كان هناك خوف وارتباك من الناس حيث زاد الطلب بكميات كبيرة وحصل نقص في بعض السلع، لكن الأسعار لم تتغير بقيت ثابتة ، وبعد ذلك عادت المراكز التجارية لتعمل بكامل طاقاتها وتوفر كل شيء.
وعن طريقة تسوقها قالت: كنت أتسوق يومياً نظراً لحاجاتنا الكثيرة خصوصاً لمتطلبات أطفالي والمدارس، وأما الآن فأتسوق فقط مرتين بالأسبوع وأجهز قائمة بالمواد التي نحتاجها.
وقالت وهي تبتسم: طبعاً لا أخفيك سراً أنني اشتريت الكثير من السلع الأساسية لمدة شهر كالمنظفات والمحارم والمعلبات، وهذا أمر اعتدت عليه أصلاً لأنني أعمل كممرضة وليس لدي الوقت الكافي خصوصاً هذه الأيام.
وأخيراً تمنت هذه السيدة من الله أن ينقذ البشر من وباء كورونا الخطير بأسرع وقت حتى تعود الحياة كما كانت ويعود الأطفال إلى مدارسهم.
شهر ولم أغادر المنزل..
وفي قرية (تراملان) اتصلنا برجل في الخمسين من عمره اسمه جاك الذي لم يخرج من بيته منذ شهر، وسألناه عن حياته اليومية وكيف يتسوق احتياجاته فقال: أنا ألتزم في البيت ولا أخرج لأنني أيضاً مريض في القلب والأمر بالنسبة لي مقبول هنا في القرية حيث الطبيعة جميلة.
وأضاف: كنت في السابق أتسوق مرتين في الاسبوع وكذلك أشتري الدواء مرة في الأسبوع، وأما الآن فإن السلع والمواد التي أريدها تأتيني من القرية بانتظام وكذلك الدواء ترسله لي الصيدلية.
وعن واقع التسوق قال: كما علمت من جيراني في الأسبوع الأول زاد الطلب على الكثير من السلع الأساسية كالمياه الغازية ومحارم التواليت ولم تعد موجودة بانتظام، ثم عادت الأمور كما كانت في السابق.
وأشار جاك إلى أن المزارعين توقفوا عن ارسال منتجاتهم إلى المدينة بعدما أغلقت الأسواق الشعبية فيها وتعرضوا لخسائر، لكن صاروا يرسلون المنتجات بطلبات خاصة وهذا أمر جيد لكن يزيد من التكلفة.
وختم حديثه معبراً عن أمله بانتهاء الوباء خلال أسابيع قليلة جداً خصوصاً وهناك وعي لدى الناس بالالتزام بتعليمات الحكومة في المكوث في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورة وتطبيق النظافة والابلاغ عن أي حالة مرضية يشتبه بها.
نصائح عند التسوق؟
- الالتزام بالحجر وعدم الذهاب إلى التسوق إلا عند الضرورة القصوى وتجهيز قائمة المشتريات مسبقاً، ففي مراكز التسوق يتجمع كثير من الناس ويكون خطر انتقال العدوى قائماً.
- ينصح كبار السن والمصابين بأي مرض بعدم الخروج، لأن ذلك قد يعرض عدد كبير من الأشخاص لخطر الإصابة أيضاً.
- تعقيم اليدين عن الدخول والخروج والحفاظ على مسافة أمان خلال التسوق، وتجنب لمس الكثير من الأشياء.
- غسل اليدين قبل مغادرة المنزل وعند الوصول إلى البيت، ويجب وضع المشتريات جانباً وغسل اليدين بعناية شديدة حتى قبل خلع السترة، وبعد ترتيب المشتريات إعادة غسل اليدين من جديد.
- ليس ضرورياً ارتداء القفازات أو الكمامات إلا عند وجود أعراض مرض وذلك لتجنب نقل العدوى للآخرين.
- الفيروسات تدوم فترة محددة على الأسطح، والمهم جداً غسل الفاكهة والخضروات بشكل جيد، وغسل اليدين قبل الطهي أيضاً.
الموضوع جميل ومتنوع ويعطي فكره عما يجري في الدول الأوربية وكيف يتصرف المواطن في الحالات الطائره….اتمنى ان يستفاد المواطن العربي من قراءات هذه السطور ..