طاولة جوالة من أكرانيا تبحث عن السلام في شوارع المدن السويسرية
قضايا لبنان وفلسطين كانت حاضرة في مدينة بيل..
برن – (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
تجوب طاولة السلام الجوالة، التي صممها فنانين سويسريين، عدة مناطق في كانتون برن وكانت محطتها الثانية مؤخراً مدينة بيل/ بيين حيث سعت خلال مرورها في شوارع وساحات المدينة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص من خلفيات تعود لأكثر من 140 جنسية.
وأتاحت الطاولة، المصنوعة من الخشب والتي تسحب وتجر يدوياً، الفرصة للحوار حول: ما الذي نحتاجه للعيش معًا بسلام في مجتمع متنوع.. وكيف نتحدث عن السلام؟
ويساعد في خلق الحوار وبدء المناقشة أولاً الضيوف المرافقين وهم: فيرجيني بوريل من منتدى ثنائية اللغة وآنا تانر من جمعية فير وتيتوس سبرينجر من دار بيل للثقافة، وثانياً البطاقات التي تحتوي على مصطلحات أو صور حول التطورات الحالية والتحديات الاجتماعية.
أما أصحاب المبادرة، وهم منتدى السياسات في برن ومنظمة الشباب STAN في اكرانيا، فتحدثوا خلال اللقاءات عن السلام باللغات الألمانية والفرنسية والإنجليزية والأوكرانية.
ورافق الجولات والمناقشات رسامون من خلفيات مختلفة، رصدوا رحلة الطاولة الجوالة وسيتم عرض أعمالهم في معرض لمنتدى برن للسياسات في سبتمبر/أيلول القادم 2022.
ريان المصري: السلام يبدأ من المدرسة والبيت
الطالبة ريان المصري وهي لبنانية الأصل تقول لـ (سويسرا والعرب): تحدثت في هذا الحوار عن كيفية تحقيق السلام العالمي، وقد يكون رأيي الشخصي سلبي لكنني أقول بصراحة: السلام العالمي صعب…!
وقالت ريان: السلام الحقيقي يبدأ لكل شخص من ذاته وكل مجتمع من مجتمعة وكل دولة من دولتها، مضيفة: للأسف نبدأ من لبنان والحرب فيها، وبرأيي لا شيء يمكن أن يتغير إلا إذا غيرنا أسلوب التربية في المدارس وفي المجتمع، وإذا استمرينا بتعليم أولادنا على نفس الطرق والأسس وننسى المبادئ والأسس التربوية الصحيحة الواجب اتباعها لتحقيق السلام فلن يتحقق شيء.
واستطردت تقول: يستحيل أن يتحقق السلام إذا كان كل جيل بعد جيل ينشأ في ظل الحروب، لأنه سيتعود على الحرب ولم يعد ينصدم بها، وإذا لم نسعى للتغير فلن يتغير شيء وكل شيء يبدأ من الجيل الجديد لبناء المستقبل.
سلمى حجي: السلام من خلال معرفة الحقائق كفلسطين
سلمى حجي طالبة مغربية الأصل قالت لـ (سويسرا والعرب): إن توعية الناس بقضايا السلام أمر مهم جداً للجميع، وخلق هذا الوعي يأتي من خلال الحقائق وتوضيح ما يحدث في كل بقاع العالم ليعرف الناس عن قرب ومن أصحاب الشأن أنفسهم وليس فقط ما يسمعوه من بعيد…!
وذكرت سلمى أن ما يحدث بفلسطين – مثلاً – الناس تسمع عنه في الأخبار فقط، وقد لا يهتمون بمآسي الشعب هناك، ولهذا يجب أن توضح الحقائق من خلال مثل هذا المنتدى وغيره وجهاً لوجه.
ورداً على سؤال: لماذا تقع الحروب برأيك؟ وكيف نعمل للسلام؟
تجيب سلمى: سبب الحروب هو المصالح الاقتصادية للدول القوية لجني الكثير من الأموال من باقي الشعوب، وهي تفرضها بالقوة العسكرية بخلق ذرائع للصراعات السياسية والدينية وغيرها.
وتضيف: لنعمل من أجل السلام علينا الانطلاق من مبدأ المساواة بين البشر وكلنا لنا نفس القيم والمبادئ الإنسانية.. وتستدرك قائلة: لا أعتقد ان السلام سيحدث في المستقبل القريب لأن الدول مصالحها متضاربة ولها اهتمامات مختلفة..
وهل يمكنكم كشباب أن تفعلوا شيئاً للمستقبل؟
تجيب سلمى: طبعاً يمكن خلق سلام في عدد من الدول والمجتمعات، ولكن البداية تبدأ من الشخص نفسه ومن المجتمع الذي يعيش فيه اسرته وأقاربه ومعارفه وجيرانه ومدينته وبلده، والمهم أن يتشارك الناس في نفس القيم ليجدوا أن السلام يصب في مصلحتهم المشتركة.
توماس جوتين: مدينة بيل غنية بتنوعها وثقافاتها
عن فكرة الطاولة الجوالة التقت (سويسرا والعرب) مدير منتدى السلام في برن توماس جوتين الذي قال: الفكرة الأساسية هي أن نتحدث عن السلام من مختلف جوانبه وثقافاته، ومدينة بيل / بيين نجدها غنية بهذا التنوع لشخصيات من أصول مختلفة ومن خلالهم نتعرف ونأخذ الخبرة.
ويضيف: نتعاون مع جمعية أوكرانية اسمها ستان ويشارك ممثليها معنا اليوم بطرح السؤال: كيف نتكلم عن السلام؟ وقد عملوا سابقاً 21 طاولة جوالة في أكرانيا في عدة أماكن قبل الحرب وبعدها، ووجدوا أن هناك عناصر لتحقيق السلام أكثر أهمية من باقي العناصر.
وقال توماس: نحن نعمل مقارنة عن عوامل السلام هنا في سويسرا: ما هو المهم وما هو غير المهم وما هو المستعجل والأكثر أهمية.. وعملنا هنا في مدينة بيل/ بيين عدة حوارات في دار بيل للثقافة وفي الساحة المركزية وفي محطة القطار وعدة ساحات أخرى، وكان يرافقنا رسامين يرصدون حوار المشاركين في الطاولة الجوالة ليعملوا لوحات تغني هذا الموضوع الحيوي وستعرض لاحقاً في معرض خاص، لتقدم خلاصات لانطباعات الناس حول كيفية العمل من أجل السلام.
وعن انطباعه عن الجولة اليوم يقول: هذا شيء رائع حقاً لأن تنوع سكان مدينة بيل يعطي قوة وثراء للمجتمع وللتعايش والسلام حتى بالمقارنة مع مدينة برن على سبيل المثال، وهذا مصدر مهم لاستلهام الأفكار والوصول إلى رؤية ثرية وقيمة عن السلام.
معرض عن الديمقراطية
وهل فكرة (طاولة السلام الجوالة) جاءت بسبب الحرب في أكرانيا؟
يجيب مدير منتدى برن: نعم الفكرة جاءت من هناك ونتعاون معهم في تنفيذها هنا، لكنها تندرج ضمن عملنا الأوسع في المنتدى وهو التحضير لمعرض عن الديمقراطية وفيه يجيب المشاركون عن أسئلة مثل: كيف نتحاور مع بعضنا البعض وكيف نستمع كل واحد منا إلى الطرف الآخر…؟
وسألت (سويسرا والعرب) هناك بلدان عربية وفي العالم لاتزال تعاني من الحروب، لماذا لم تتحركوا وتتعاملوا معها على غرار الملف الأكراني؟
يجيب توماس: بالطبع نحن نناقش شيء يحدث في منطقتنا وهذا مهم لطرح الأسئلة عن السلام والأمن في العالم.. ولماذا الفرق في التعامل هذا هو السبب الذي جعلنا ندور من خلال طاولات الحوار المتحركة لنستمع لآراء الجميع ومن كل الجنسيات الموجودة في سويسرا.
وقال: بالأصل نحن في المنتدى نقترح الحوارات والمعارض ونتشارك مع الجمعيات والمنظمات المدنية حول الديمقراطية والعمل السياسي، وحالياً الطاولة الجوالة فرصة ممتازة لإغناء الحوار وسط الجمهور العام مباشرة، وكل الناس سيشاركون في لعب أدوار مختلفة.
أوراق طاولة السلام الجولة:
شارك أفكارك.. كيف تعيش السلام؟
السلام لا يعني فقط الابتعاد عن الحرب والنزاع المسلح، فهو أيضاً العمل لخلق الظروف والشروط من أجل المساواة والعدالة والتطور.
ماهي الأولويات برأيك؟
– التذكير من أجل المستقبل- القانون / الأنظمة – الجيران الجيدون- الحقيقة / المعلومات – حب الوطن – القبول / اندماج المجتمع – التعلم من أجل السلام – المصادر والدخل / النقود من أجل السلام – مسؤولية حضارية / المشاركة – السلام الداخلي – الثقة – الحوار.
جمعية “المنتدى السياسي برن”
تأسست في أبريل/ نيسان 2017 وتهدف إلى تنظيم الفعاليات والمعارض حول المواضيع السياسية، وبالتالي المساهمة في التعليم في هذا المجال، ويضع المنتدى مباني (برج السجن) Tour des Prisons التابعة له في خدمة الدوائر والمنظمات التي تخطط للمظاهرات السياسية.
منتدى برن للديمقراطية:
- يحدد استراتيجية للسياسات والرؤية المستقبلية.
- مؤسسة فريدة من نوعها في سويسرا تقود للديمقراطية وتعزز التماسك الاجتماعي.
- يوفر منصات للمناقشة والنقاش.
- يفتح فضاءات للحوار والبحث عن الحلول.
- يثير الاهتمام بالقضايا السياسية بين الشباب وعامة الناس.
- يسمح لنا بإلقاء نظرة جديدة على القضايا المهمة في عصرنا.