آراء وحوارات

د. عامر سلايمة في حواره مع (سويسرا والعرب) (1-2): علاقة الآباء مع الأبناء في الغربة اختلفت.. والجيل الجديد إمكانياته كبيرة وعلينا احترامها..

·       (سويسرا والعرب) – حوار قاسم البريدي:

الغربة لها ضريبتها.. فماذا يحدث في المجتمع الجديد.. هل هناك أمراضاً نفسية تصيب أبناء الجالية العربية فعلاً أثناء اغترابها أم لا؟ وكيف نفسر بعض الخلافات الأُسرية الحادة التي نصادفها بين الآباء والأبناء؟

عن هذه الأسئلة وغيرها يجيبنا الدكتور عامر سلايمة، وهو الشخصية المنفتحة بحكم عمله كطبيب نفسي في سويسرا.

د. عامر سلايمة

لا يوجد شبكة للأطباء العرب.. والتواصل بالطرق التقليدية

  • في البدء.. حبذا لو تعرفنا على نفسك ومنذ متى تقيم في سويسرا؟

أنا فلسطيني من سورية مواليد 1972 أخصائي طب نفسي مقيم في سويسرا منذ 20 سنة ومتزوج من سويسرية ولدي ثلاثة أولاد، ودرست أولاً في سورية وتابعت تعليمي في فرنسا ثم تخصصت طب نفسي في كانتون برن وفتحت عيادة في مدينة (موتيه) منذ عام 2009.

  • ولماذا اخترت هذه المدينة لتعمل بها دون غيرها؟

اخترتها بحكم عملي وتخصصي سابقاً في مركز الطب النفسي للمنطقة حيث أعرف الناس والمرضى فيها.

  • د. عامر.. هل زبائنك عرب وأجانب أم سويسريون؟

في منطقة عملي لا يوجد أجانب ومعظم المرضى من السويسريين الذين يتكلمون الفرنسية، لكن مع مرور الوقت أصبح لدي زبائن ما بين 15 إلى 20 % من الناطقين بالعربية.

  • أبناء الجالية يبحثون عن طبيب عربي.. كيف يمكنهم التواصل معك أو مع زملائك الأطباء العرب؟

خلال فترة عملي الماضي صرت معروفاً بعدة مناطق في سويسرا، والأطباء العاملون يعرفون أنه يوجد طبيب نفسي في هذه المنطقة ويدلون الناس على عنواني.

وفي الواقع لا توجد شبكة للأطباء العرب يمكن التواصل معها، وإنما يتم التعرف على الأطباء عبر الأسئلة من المعارف، ولكن هناك آلية في FMH   يمكن البحث من خلالها عن طبيب يتحدث اللغة الأم للمغتربين.

التصادم مع المراهق له جانب سلبي …!

  • الأهل يعانون في علاقاتهم مع أبنائهم لاسيما المراهقين.. فماذا تقول لهم؟

الأسرة في الغربة تحتاج إلى انتباه أكثر، ونلاحظ أن الأب والأم يتابعان باستمرار ما يحصل للأولاد، وهذا شيء إيجابي ولكن هناك نواحي سلبية تتثمل في التصادم في فترة المراهقة، ويحصل تمرد أحياناً..

  • كيف؟

 العائلات الأوروبية تترك هامش حرية أكبر للمراهق، بينما العائلات العربية تمارس الضغط عليه ولا تعطيه مثل هذا الهامش بحيث يلتزم بشكل صارم بمعايير العائلة، وهذا له جانب سلبي إذا لم نستطيع إدارة هذه المرحلة من العمر بشكل صحيح…!

خلق العلاقة والثقة مع الأولاد يبدأن في سن مبكر..

  • د. عامر.. هل نترك أولادنا هكذا يذهبون خارج البيت دون معرفة أصدقائهم وسلوكهم وماذا يتابعون في الأنترنت وغيره؟

طبعاً الإنسان (أب أو أم) يفعل ما يستطيع عمله، والأهم هو الثقة بين الأولاد والأهل ووجود علاقة فعلية بينهما، كأن نشاركهم في السباحة أو في رحلات على الدراجة ونتواصل ونتكلم معهم باستمرار كأصدقاء لنا.

 وفي هذا العمر أنتَ لست أباً لهم فقط بل صديقاً، بحيث لا يخجلون بقول كل شيء يحدث معهم، وبالتالي هناك شفافية بالموضوع.. أي من لديه مشكلة يتحدث بها ولا يتردد بالاعتقاد أنه في حال عرضها على الوالد أو الوالدة يتسبب ذلك له بمشاكل..

  • ومن أي عمر نبدأ معهم؟

الأصل ألا تبدأ الأمور بعمر 17 أو 18 سنة، إنما من الطفولة المبكرة أي أربع أو خمس سنوات وحتى قبل ذلك، ويكون لك كأب أو أم علاقة جيدة معهم، وهذا يساعد مع الأيام بتكوين خبرة كبيرة وثقة مع الوالدين، ومن الممكن أن يخطأ الابن لكن يمكنه تصحيح خطأه بسهولة.

وبكلام آخر: النصيحة للأهل هي خلق الثقة والعلاقة الجيدة مع الأبناء، اي نتحدث ونتكلم معهم ونترك المجال أثناء الطعام أو السهرات لطرح هذا الموضوع، ونسأل ما رأيكم بهذا الشيء أو ذاك؟

العلاقة الصحيحة مع الأهل تبدأ في سن مبكر

الجيل الجديد أكثر انفتاحاً على المجتمع.. وإمكانياته كبيرة…!

  • الأولاد بحكم تكلمهم بطلاقة لغة البلد.. يعتقدون أنهم يفهمون الحياة أكثر من والديهم؟

بالتأكيد.. الأولاد بهذه الأعمار لديهم أمكانيات أكبر من إمكانياتنا، لكن تنقصهم الخبرة لتوظيفها، والجميل جداً أن نسمع منهم أخباراً جديدة باستمرار مثل التصويت على قضية معينة هذا الشهر، ويمكننا أن نتعرف منهم أيضاً على أمور لا نعلمها أحياناً وتعلموها بالمدرسة ولديهم أفكار مهمة.

وبالمناسبة أقول: إن هذا الجيل يهتم بأشياء لم نكن نهتم فيها عندما كنا بعمرهم مثل قضايا البيئة والانفتاح على المجتمع وليس لديهم عنصرية، وفلسفتهم في الحياة ليست جمع ثروة مادية إنما العيش بسلام وانفتاح على الآخرين وهذا شيء محبب للغاية.

ولهذا كله، يجب أن نعمل لهم قيمة ومكانة واهتمام بهم وبالموضوع الذي يطرحونه علينا، ونمنحهم الفرصة كأن نعرض عليهم مسألة أو القيام برحلة ونسألهم ما رأيكم؟ وليس علينا أن نثبط همهم كأن نقول: لا يجوز أن تفعل هذا.. افعل ذاك…!؟

  • كيف تجد العلاقة بين الأهل والأطفال الصغار من خلال تجربتك؟ 

بعض العائلات تطعم أولادها وتشربهم وتلبسهم بشكل جيد وتعلمهم الدين، لكن في أمور اللعب مع الأطفال نجد أن هناك تقصيراً، وهذا ما لاحظته على أرض الواقع، حيث لانلعب الرياضة مع أولادنا أو أي نشاط آخر أو تقرأ لهم القصص أو نحاورهم.

 وبدلاً من أن تضع الأم ابنها أمام التلفزيون، عليها أن تلعب معه أي لعبة ولو لمدة نصف ساعة، لتكوين العلاقة الجيدة معه والتي يمكن أن يستثمرها في المستقبل، وتصبح علاقة التفاهم في الصغر علاقة حب وتعاون واحترام في الكبر.

الآباء يتقلص دورهم.. والأصدقاء هم المؤثر الأكبر..

  • عندما نسألهم ونلح عليهم: مع من تذهبون.. هل هذا غلط برأيك دكتور؟

لا.. ليس خطأ أن نسأل، وبالعكس إننا بذلك نبرز اهتمامنا بهذا الموضوع، وطبعاً علينا أن نسأل ومثل ذلك شأن طبيعي وعادي، ويفترض أن يكون بديهي ومتعامل به أصلاً.. فيقول الأبن: سأذهب مع صديقي إلى مكان ما وسأعود الساعة العاشرة مثلاً.. وإذا تأخر قليلاً ليس هناك مشكلة ونترك هامش له، لأن الشباب بطبيعتهم وبعمرهم يريدون تكسير القوالب قليلاً ليظهروا استقلاليتهم..

  • لكننا دكتور عامر نخشى (رفاق السوء) لأولادنا؟

نعم.. (رفاق السوء) مشكلة كبيرة، ونقول في علم النفس: أن أكثر شيء يؤثر على الأطفال في هذا العمر هو الأصدقاء، والآباء يتقلص دورهم بشكل كبير، وبعض الأحيان يصبح دورهم بشكل عكسي، أي عندما تنصحهم برأي معين يعملون العكس..

وهذه الفترة حساسة وستمر، ويحاول الطفل عندما يدخل إلى مرحلة الشباب أن يكوّنَ شخصيته، ويثبت تميّزه ليخرج من كنف الآباء وهذا أمر مهم للغاية..

بل العكس برأي.. المشكلة إذا بقي الابن في هذا العمر راضخاً وقابعاً لكل ما يمليه الأهل.. فتضعف شخيصته ويخرج إلى المجتمع ويصبح من السهل السيطرة عليه.

والشيء الجيد أن يعترض الأبن ويقول: أنا أريد أن أعمل هذا.. ليصنع شخصيته القوية ويعرف ما يريد ويعتمد على ذاته ويثق بنفسه ولا أحد يجبره على فعل لا يرضاه ليتحمل المسؤولية..

الجيل الثاني أكثر إندماجاً في المجتمع السويسري

One thought on “د. عامر سلايمة في حواره مع (سويسرا والعرب) (1-2): علاقة الآباء مع الأبناء في الغربة اختلفت.. والجيل الجديد إمكانياته كبيرة وعلينا احترامها..

  • حوار جميل وآراء جيده…في الغربه نحتاج كثيرا لمثل هذه الآراء خصوصا من المختصين…

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *