يوم مفتوح للتعريف بالمقبرة الإسلامية في مدينة بيل
تسهيلات عديدة.. وخطوة مهمة للجيلين الثاني والثالث من المغتربين
· (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
نظمت السبت الماضي بلدية بيل / بيين بالتعاون مع منظمة كاريتاس بيرن وجمعية (برو سانكتوت) لمساعدة المسنين، لقاءً إعلامياً مفتوحاً للتعريف بالمقبرة المخصصة للمسلمين ضمن مقبرة ماد ريتش، بحضور فعاليات شعبية متعددة من أبناء الجاليتين العربية والإسلامية.
وتضمن اللقاء كلمات للمعنيين حول المقبرة والخدمات التي تقدمها وتوافقها مع العبادة الإسلامية، كما قدم شرح عملي لكيفية غسل الأموات ومراسم الجنازة الإسلامية، وفي نهاية الجلسة قام المشاركون بزيارة قسم الدفن المخصص للمسلمين واستمعوا لشرح من مدير المقابر عن آلية العمل في المقبرة .
تسهيلات عملية الدفن
وفي حديثه لـ (سويسرا والعرب) أكد فلبر ساشا مدير المقابر في مدينة بيل أن مدافن المسلمين بمقبرة مادريتش موجودة منذ عشر سنوات وتستوعب 400 مدفناً مضبوطة اتجاهها على قبلة مكة، وهي مخصصة للمسلمين الذين عاشوا في مدينة بيل وضواحيها قبل وفاتهم.
وأوضح فلبر أنه يعيش في المدينة وحولها نحو 5000 مسلم ويدفن نحو 5 أشخاص سنوياً ويوجد حتى اليوم 54 قبراً، ويمكن كتابة الاسم على شاهد من حجر وهو مرتفع الثمن وتكلفته نحو 3000 فرنك او من الخشب وتكلفته نحو 150 فرنك ويعيش فترة طويلة من الزمن.
وقال: نحن نبحث عن شخص يهتم بإدارة القسم الإسلامي للتواصل معه ويسهل عملية الترجمة والإجراءات الإدارية، مشيراً إلى أن إدارة المقابر تنظم موعد الدفن بالتشاور مع الأقارب، ويجب إبلاغ متعهد دفن الموتى عن الوفاة ويحتاج ذلك لشهادة الوفاة وبطاقة هوية، وتتوفر بالمقبرة غرفة للغُسل تستخدمها الجالية المسلمة، ويتم تنفيذ الأعمال الدينية من قبل أحد الأئمة.
وعن تكلفة مدفن المسلمين يقول: تبلغ 950 فرنكا للبالغين و700 فرنكا للأطفال حتى سن الثامنة، بالإضافة إلى تكاليف استخدام الغرف والخدمات الأخرى، ويتم إلغاء تخصيص القبر بعد 25 سنة ويبقى الرفات في التربة.
تعكس انتماء الأجيال لبلدهم الجديد
نعيمة صروخ مديرة جمعية تسامح قالت لـ (سويسرا والعرب): نحن في ثقافتنا الإسلامية نؤمن بأن الشخص عندما يموت سيسافر رحلته الخالدة ويبدأ الحياة الجديدة، ونكرمه مادام على وجه الأرض، ومن إكرامه دفنه في أحسن الأحوال مع المسلمين وتوجيهه نحو القبلة، ونحن حريصين على ممارسة هذه الطقوس.
وأضافت: المقبرة في مدينة بيل أحدثت منذ عام 2012 والذين ناضلوا لتحقيق هذه الفكرة بذلوا جهوداً كبيرة ويمكن أن يكونوا توفوا، لكن هذا اللقاء الرسمي يريد تعريف الجيل الثاني بالمقبرة وعادات دفن الموتى وماذا تقدم المدينة من خدمات، وهذا لقاء مهم لإعطاء كل ذي حق حقه سواء المتطوعين مثلي في التغسيل ومرافقة عائلة الميت، وكذلك لما قامت به الدولة بإعلان حملة إعلامية مترجمة بكل اللغات، إضافة لفعاليات أخرى مهتمة مثل منظمة الكاريتاس التي تهتم بكبار السن.
وقالت صروخ: تتيح هذه الندوة للجيلين الثاني والثالث المعلومات ليشعروا بانتمائهم إلى بلدهم الجديد وكل متطلباتهم توفرها لهم الدولة، وعندما يموت أجنبي تبحث عن كيفية نقله إلى بلده الأصلي وهذا أمر مربك ومعقد في حين الواقع يؤكد أن أولادك ولدوا هنا ويمكن ألا يفكروا ببلدهم الأصلي وهناك أشخاص في بلدانهم حروب أو هم بلا وطن فأين ستدفنهم؟
سيدة فلسطينية: اليوم عرفت أين سأموت..!
وذكرت مديرة جمعية تسامح أنه عند أحداث مقبرة للإسلام اتصلت بها سيدة فلسطينية وقالت: عرفت أخيراً أين سأموت!؟ لأن في بطاقتي مكتوب (بلا وطن) ولا أحد سيستقبلنا عندما نريد أن نرجع إلى بلدان الشتات…!؟
وتابعت نعيمة صروخ تقول: المقبرة كأنها قطعة أرض لدولة إسلامية وتمارس فيها كل الطقوس، والتسهيلات كثيرة من إدارة المقابر في إجراءات الدفن، واليوم أخبرني المدير أنه سيعطينا خزائن للاحتياجات لغسل وتلبيس الميت ويمكن لأي أخ أو أخت يحتاجها عند دفن قريبه أن يستخدمها.
وخلصت للقول: الأمور بشكل عام سهلة خصوصاً لمن يسكنون في مدينة بيل وضواحيها وبأسعار مقبولة جداً ولكن لمن هم خارج المدينة تصبح التكلفة عالية وتصل لنحو 15 ألف فرنك في بعض الأحيان، والنقاش واضح اليوم وسيتم توسيع المنطقة مع زيادة عدد المسلمين وبالتالي حالات الوفيات.
البلدية تروج للمقبرة بكل اللغات
وذكرت لـ (سويسرا والعرب) جيني بيِّت مسؤولة التنسيق والاستشارات في مديرية الاندماج في مدينة بيل، أن بدايات الفكرة تعود إلى اقتراح مجموعة أشخاص متنوعين بمدى إمكانية تخصيص أرض للمسلمين في مقبرة مادريتش، ووافقت البلدية على تخصيص هذه الأرض لتكون لسكان مدينة بيل / بيين وما حولها.
وسألناها: هل هذه الإجراءات سهلة ومعروفة؟
أجابت جيني: نعم ولهذا السبب نظمنا هذا اليوم لتعريف الجاليتين العربية والإسلامية بهذه المقبرة وإمكانية دفن الموتى هنا بدل ارسالهم إلى بلدهم الأصلي، وزودناهم من خلال المختصين بأهم المعلومات عن التسهيلات المتاحة ونظام عمل المقبرة والإجراءات المتبعة وفقاً للطريقة الإسلامية.
وعن عدد المقابر ومدى كفايتها، تقول مسؤولة التنسيق في مديرية الاندماج: المكان الحالي يتسع لنحو 400 قبر وبعد 25 سنة تنتهي ملكية القبر، ولكن رفاة الجسد يبقى في الأرض وتشاد قبور حديثة وسط القبور القديمة، ونتمنى دائماً أن تتوسع المقبرة لتلبية جميع الاحتياجات المستقبلية، ولا يوجد طلب كثير على المقابر نظراً لضعف التواصل مع أبناء الجالية الإسلامية، ولهذا السبب تقام حالياً حملة إعلامية بكل اللغات لتعريف الناس بها.
وعن تكلفة القبر وإمكانية تخصيص القبر العائلي تقول جيني :التكلفة قليلة للقبر الفردي عوضاً عن دفن الميت في بلده الأصلي، وأما المقابر للعائلة فهي متوفرة في المقابر بشكل عام لكن كلفتها أكبر، وكل المعلومات عن هذه الأسئلة وغيرها باتت متوفرة وبكل اللغات على موقع انترنيت المدينة قسم الاندماج، وهناك مطويات أيضاً لتوضيح كل ما يلزم وبالتفاصيل.
ندوات.. وتعاون مثمر
دانييلا لوفيسوتي من كاريتاس برن قالت لـ (سويسرا والعرب): عملنا في منظمة كاريتاس مع مجموعة عمل منذ خمس سنوات في بيل لمتابعة المراحل الأخيرة من حياة الناس الكبار وعرضنا فلم ( Being there ) وكان موضوعه مرافقة الانسان في نهاية الحياة في سياق متعدد الحضارات، وفي عام 2019 زرنا مقبرة مادريتش وعرفتنا نعيمة صروخ على طقوس وعادات تحضير الميت للدفن عند الإسلام وكل ذلك عكس اهتمام المجتمع المحلي.
وأضافت دانييلا: اليوم فكرنا بتنظيم هذا اللقاء التعريفي حول خدمة دفن الموتى المسلمين في مقبرة بيل، ليعرف الناس كيف تتم من خلال امثلة عن طقوس غسل الميت ولبسه، كما اتيحت الفرصة للتعاون بين إدارة المقبرة وإدارة الاندماج في المدينة وممثلي عن المساجد والمنظمات الشعبية لاسيما المختصين بكبار السن والخدمات الصحية والاجتماعية وبمشاركة نحو 35 شخصية من الحضور ومن مختلف الجنسيات، وهذا ما أتاح الفرصة لتبادل الآراء وطرح الأسئلة وتلقي الإجابة.
جدل مستمر.. !؟
لاتزال مطالبة المسلمين في سويسرا بتوفير أماكن خاصة بهم لدفن موتاهم تثير الجدل..
فمن جهة تستجيب أغلب البلديات لهذا الطلب، لاسيما تلك التي تزيد فيها نسبة المسلمين على 10% من مجموع سكانها، وتخصص بالفعل عشرات المدن جزءً من مقابرها لمعتنقي هذه الديانة.
ومن جهة ثانية.. يؤكد الواقع عدم استخدام هذه القبور إلا بنسب ضئيلة، لأن أغلبية المتوفّين ينتمون إلى الجيل الأوّل من المهاجرين، والذين يوصون بدفنهم في مواطنهم الاصلية.
وهذا المؤشر يشجع بعض الحكومات المحلية، رغم وجود مقابر يهودية فيها، على الاعتراض على منح المسلمين نفس الحق بدعوى أن الديانة الإسلامية لا زالت غير معترف بها بشكل رسمي.
وبالمقابل.. يصر المؤيدون لفكرة إحداث هذه المقابر على مطالبهم، فإذا كان الجيل الأول يرتبط بالوطن الأم بعلاقات قوية ويوصي بالدفن فيها، فإن هذا الوضع سوف يتغيّر في المستقبل مع تقدّم السنّ بالأجيال الشابّة حاليا، والتي تشعر بأن سويسرا هي موطنها الأصلي.
وهذا الرأي يعززه تزايد عدد المسلمين في سويسرا ليبلغ نحو 400 ألف أي نحو 5 بالمئة من السكان مقابل أقل من 1 بالمئة في السبعينات، علماً أن حوالي 80% من مسلمي سويسرا هم من الأوروبيين أصلاً، إذ ينحدر 60 % من بلدان الفدرالية اليوغسلافية سابقا، و20 % من تركيا.