مصمم الأزياء صباح يحيى لـ (سويسرا والعرب): تحديت الصعوبات وافتتحت محلاً للخياطة منذ عشر سنوات صار معروفاً في كل سويسرا
· (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
رغم أنه لم يحمل إقامة دائمة ولا شهادة مهنية، استطاع الخياط العراقي صباح ان يحول التحديات إلى نجاحات ويفتتح محلاً صار معروفاً ليس على مستوى مدينة بيل/بيين فقط بل على مستوى سويسرا…!
(سويسرا والعرب) تابعت قصة نجاح الخياط ومصمم الأزياء صباح يحيى كنموذج عن المغتربين المبدعين وكان هذا الحوار..
- في البدء هل يمكننا التعرف عليك؟
اسمي صباح يحيى مهنتي خياط ومصمم أزياء ومن مواليد 1962 الموصل في العراق وجئت منذ 13 سنة إلى سويسرا مع زوجتي وأولادي، ولدي 3 بنات وشابين أعمارهم بين 20 و28 سنة وبناتي الكبار متزوجات هنا ولدي 7 أحفاد.
- ماذا عن تجربتك في العراق وتركيا؟
عملت في العراق نحو 40 سنة في هذه المهنة، وكان لدي شركة صغيرة فيها 20 حرفي لكنها دمرت أثناء الحرب ولم أحصل على تعويض، فهاجرت إلى إسطنبول وفيها طلبت مني إحدى الشركات تصميم موديلات ألبسة مناسبة للأسواق التركية، فعملت فيها مصمماً للأزياء وبقيت ثلاث سنوات، وبعدها ذهبت إلى اليونان وبقيت فيها بحدود 3 سنوات قبل أن استقر هنا في سويسرا.
- وهل يمكن إحداث شركة ألبسة هنا؟
لا.. أبداً وفكرة إحداث مشروع لورشة خياطة هنا صعبة للغاية، لأن سويسرا تصنع الملابس في الصين نظراً لرخص اليد العاملة.
أما في العراق وبعض الدول العربية وتركيا ففيها معامل ألبسة صغيرة تشغل ما بين 10 إلى 20 عامل، وهي تصنع بالجملة وحسب الطلبيات ويتم توزيع الملابس الجاهزة على الأسواق الداخلية أو الخارجية.
لا أستطيع العيش دون العمل بمهنتي
- ومتى بدأت تبحث عن فرصة في عالم الأزياء؟
وفي أول سنة ونصف كنا نعتمد على التأمين الاجتماعي (السوسيال) وتنقلنا من مكان إلى آخر وفي النهاية استقرينا في مدينة بيل/ بيين وصار الأولاد يذهبون للمدارس، ولهذا أحببت أن أمارس عملي لفائدته للمجتمع ولتحقيق الذات بآن واحد.
وأنا شخصياً اعتدت على مهنتي ولا أستطيع العيش بدونها، وبعد أن استقبلونا هنا في سويسرا بالترحيب واتاحوا الفرصة لأولادي لمتابعة دراستهم وتقديم الاعانة والعلاج شعرنا بالراحة والاطمئنان.. وبدأت أبحث عن العمل في مهنتي تحديداً التي أحبها، وهنا واجهت سلسلة من الصعوبات الكثيرة جداً…!
- وما هي أبرز الصعوبات أمام طموحك؟
كما تعلم هنا في سويسرا لا يجوز أن تمارس العمل دون شهادة مناسبة، وعندما أردت فتح محل طلبوا مني شهادة مهنية، وقلت لهم أنا جاهز للاختبار من أستاذ تصميم أزياء وسأثبت جدارتي..
وفي العام الأول لم أكن أعرف لغة ومع ذلك طلبت من السوسيال (المساعدة الاجتماعي) العمل ولو بدون أجر، لأشعر بقيمة الحياة في الإنتاج والنشاط فطلبوا مني التريث، لكنني قلت لهم: أنا لا أريد ان أتلقى مساعدة مالية بل أكون مستقلاً وأعيش بجهدي..
وعندما تعلمت اللغة عرض علي العمل في مهن مختلفة كالنقل والخدمات، لكنني أردت العمل بمهنتي وفتح محل مناسب وشراء آلتين للخياطة، فرفضوا ذلك ولم أعرف السبب وقالوا لي: أنت قد لا تتقن هذه المهنة وتتسرع وتفتح محل وتخسر ويصبح عليك ديون كثيرة.
مدربة الخياطة: هذه المرة تعلمت من صباح
- وهل توقفت عن الفكرة؟
لا.. بالعكس ازداد حماسي وأكدت للمساعدة الاجتماعية ممارستي للعمل لسنوات طويلة، وعندها طلبوا مني الالتحاق بدورة خياطة لمدة 6 أشهر، وأثناء الدورة طلبت المدربة من كل مشارك أن يختار قطعة القماش المناسبة لتنفيذ ملابس جاهزة بسيطة مثل بنطال أو تنورة كموديل بسيط للتعلم.
وأنا اخترت قماش جوخ لأعمل مانطو، والمدربة هنا تفاجأت وقالت لي: أنا لا أستطيع أن أساعدك في تفصيل هذا الموديل الصعب، ولكنني طمأنتها وقلت لها: اشتري القماش وأنا سأفصله…!
- وكم كان عدد المتدربين وهل فصلت القماش؟
المشاركون في الدورة 15 امرأة وبضعة رجال، والمدربة استجابت لي واشترت القماش المطلوب، وعندما بدأت بتصميم المانطو اقتربت مني وهي مندهشة، وقالت: أنت تعمل بدون أي سؤال أو مساعدة لمعرفة القياسات المطلوبة، وأوضحت لها وكيفية استخراج جميع هذه القياسات بسهولة..
وفي الأسبوع الثاني من الدروس أنجزت المانطوا ولبسته وسط دهشة الجميع وإعجابهم، وفي حفل نهاية الدورة عرضنا النماذج أمام الحضور، وعند توزيع شهادة الدورة توقفت المدربة أثناء استلامي الشهادة وخاطبت الحضور قائلة: أنا أعمل كمدربة هنا منذ سنوات طويلة وأعلم الناس هذه المهنة، وهذه المرة الأولى التي أتعلم فيها من طلابي، وأنا استفدت كثيراً من أفكار زميلكم صباح ومن خبرته، وحتى أثناء الدورة كانت تقول للمشاركات أحياناً: اذهبوا لاستشارة صباح هو يعرف أكثر مني..
سر نجاحي: حب واتقان المهنة
- وبعد دورة الخياطة، هل حصلت بسهولة على محل؟
بعد اثبات جدارتي بدورة الخياطة اقتنعت المسؤولة عن السويسال برغبتي وأعطت شهادتها عني بأنني مصمم أزياء ومحترف خياطة حتى جاءت الرخصة الرسمية من برن وكانت صعبة بسبب الإقامة المؤقتة (ف).
وعندما استأجرت المحل، كنت باستمرار مصمماً على النجاح والصبر على هذا الاختيار وحتى لو دفعت أجار المحل من أموالي الخاصة على حساب لقمة العيش، ولكن مع مرور الوقت وعملي المميز صار الأمر مشجعاً.
- إذن.. كيف استمريت في محلك رغم أن الكثيرون حاولوا وفشلوا؟
أصبح المحل معروفاً لأن اسعاري بسيطة وأتقن عملي، وأنا كمهني محترف أستطيع مثلاً أن أقص بنطال أو قميص وأعدله بدقائق ولذلك فبدل 30 إلى 40 فرنك أطلب 15 فرنك فقط، وأما العاملين في الخياطة غير المحترفين فيحتاجون وقتاً طويلاً لإنجاز العمل من القص والخياطة والكوي ويأخذون أسعار أكثر..
وعندما شعر الناس بالإتقان العالي للعمل وبذات الوقت الأجور الأرخص، أصبحوا زبائن دائمين لي بل يخبرون أصدقائهم ومعارفهم عني، وهكذا ازاد عدد الزبائن ومن كل المناطق السويسرية سولوتورن ونيوشاتيل وحتى جنيف وزيوخ وسانغالن وغيرها.
- وكيف حصلت على الإقامة الدائمة؟
عندما استأجرت المحل وعملت به منذ 2012، كان عندي إقامة مؤقتة ف وهي لا تسمح أصلاً بالعمل، لكنني صبرت وتقدمت بطلب إقامة عمل ب في عام 2014 لكنني لم أحصل عليها للأسف إلا بعد 3 سنوات واستغرب زبائني السويسرين سبب البطء، وفرحوا جداً عندما حصلت عليها..
أنجزت 1500 طقم عسكري
- دعنا نعود قليلاً إلى تجربتك في العراق وكيف كان عملك؟
هذه المهنة أحببتها منذ الصغر وعملت فيها في بلدي، وأذكر جيداً أنني بعدما تعلمت الخياطة الرجالية عند (الأسطة) المختص بها، طلبت منه تعلم اختصاص الخياطة النسائية، فأجاب: هذا ليس اختصاصي، وعندها علمت نفسي بنفسي واشتريت فستاناً وقميصاً نسائياً وصرت أعمل بنفس القياسات والموديلات حتى أتقنت هذا الاختصاص، وبعدها تعلمت كل فنون الخياطة بما فيها الولادي.
أما بالنسبة لعمل ورشتي فكان معروفاً، وطلب مني أثناء الحرب انتاج 1500 طقم عسكري للمظليين وقالوا لي: هل تستطيع أن تخيط مثل هذه النماذج أجبتهم نعم وأحضروا لي شاحنة القماش الخاص بهذا الزي وأنتجت لهم موديل فأعجبهم، واستعنت بعمال خياطة وأنجزت لهم كامل الصفقة بسرعة لأنني أحب عملي.
طموحي : معمل خياطة يشغل يد عاملة أكثر
- وهل تطمح لأن تنشئ معملاً صغيراً في سويسرا؟
أتمنى هنا في سويسرا لو توجد معامل وورشات خياطة وأزياء، وأرجو من خلال موقعكم (سويسرا والعرب) أن تصل هذه الأمنية للجهات المعنية، لأنها تشغل الكثير من النساء والرجال الذين يرغبون في هذه المهنة والتي تعتمد على الفن والذوق والإبداع.
وأنا جاهز لتوسيع عملي بإحداث معمل صغير وتوفير مستلزماته من آلات وتدريب الكادر الفني وتشغيله، وهناك الكثير ممن لا يجدون عمل أو يعيشون حالات البطالة بين الأجانب المقيمين هنا، والمهم للمهاجر أن ينتج ويستقل ويعتمد على ذاته لا أن يبقى يتلقى المساعدات المادية، وقد ينقصني اللغة الكافية للتدريس ولكن يمكن تدارك ذلك مع وجود مساعدين يتقنون اللغة المناسبة لهذه المهنة بالتعاون مع التأمينات الاجتماعية ومع مدربين خياطة سويسريين.
ماشاءالله الله يسعدك.
ياأخى اناأبحث عن شركة خياطةفى سويسرا يمكنك أن تجد لى؟وشكرا.
adm094468@gmail.comهذاهوعنوان البريدى.
سنرسل تعليقك وعنونانك البريدي إلى مصمم الأزياء