سماء سويسرا أغلى من الذهب.. ضريبة بيئية على تذاكر الطيران تصل الى 5000 فرنك للأثرياء
· ( سويسرا والعرب) – رشا محمد
وافق البرلمان السويسري الأربعاء على مشروع قانون يقضي بفرض ضريبة بيئية على تذاكر سفر الطائرات المغادرة من سويسرا، كجزء من الجهود المبذولة للحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية تتراوح قيمة الضريبة بين 30 و120 فرنك سويسري (الفرنك يعادل دولار) على كل تذكرة حسب مسافة الرحلة ودرجة الحجز، إضافة لفرض ضرائب بيئية على الرحلات الجوية الخاصة لرجال الأعمال والأثرياء تتراوح قيمتها بين 500 و5000 فرنك.
ويتوقع أن يحقق إجمالي ضريبة ثاني أكسيد الكربون نحو 500 مليون فرنك من عائدات الضرائب السنوية حسب تقدير لجنة البيئة بالبرلمان، وستتم إعادة بعض الأموال إلى شركات الطيران لاستثماراتها في أنواع الوقود المتجدد.
ويتضمّن التعديل القانوني أيضا ضريبة على واردات الوقود الأحفوري بالإضافة إلى انشاء صندوق خاص بالمناخ في خطوة جديدة لمواجهة الاحتباس الحراري العالمي.
معارضة حزب اليمين فقط
وجاء هذا القرار بعد أن أيّدت الأغلبية الساحقة في مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الفدرالي) هذا المقترح الداعي إلى فرض هذه الضريبة البيئية، حسبما ذكرت (سويس أنفو) ،والذي يعكس أيضاً إجماع معظم الأحزاب لأنه يساعد في الحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ، بينما عارضه فقط نواب حزب الشعب (يمين محافظ) ، بدعوى أن شركات الطيران سوف تتحمل العبء الأكبر من تكاليف هذه الضريبة.
وسبق لمجلس الشيوخ الموافقة على هذا المقترح في سبتمبر/ايلول 2019 خلال نقاش مستمر حول تعديل قانون ثاني أوكسيد الكربون في البلاد، في حين أن مجلس النواب، الذي رفض المقترح في ديسمبر 2018، عاد وعدّل رأيه بعد أن غيّرت أغلبية نواب الحزب الليبرالي الراديكالي موقفها (يمين وسط) لتتفق مع مؤيدي هذه الضريبة الممثلين في نواب الأحزاب اليسارية (الاشتراكيون والخضر).
ودافعت سيمونيتا سوماروغا، وزيرة البيئة في الحكومة الفدرالية والرئيسة الدورية لسويسرا حاليا، عن المقترح موضحة أنه ينسجم مع مصلحة سويسرا بالاقتداء بدول أوروبية أخرى في فرض رسوم بيئية إضافية، مؤكدة أنه يتعيّن على جميع قطاعات النقل المساهمة في مكافحة التغيرات المناخية.
هذا ورحبت المنظمات البيئية بقرار البرلمان لكنها دعت إلى الزيادة في الضرائب البيئية، في وقت تشير فيه الأرقام الرسمية إلى ارتفاع عدد ركاب الطائرات في أجواء سويسرا بشكل كبير خلال العقد الماضي.
ضرائب الدول الأوربية أقل..!
وتفرض العديد من الدول الأوروبية ضرائب مماثلة، لكن قيمة معظمها أقل من الضرائب السويسرية، فقد أعلنت العام الماضي فرنسا أنها ستفرض تدريجياَ ضريبة بيئة على رحلات شركات الطيران التي تقلع من أراضيها، اعتباراً من عام 2020 تتراوح قيمتها ما بين 1.5 يورو إلى 18 يورو، حسب نوع تذكرة الطيران والدرجة ووجهة الطائرة، وتدر هذه الضريبة نحو 180 مليون يورو سنوياً (201.67 مليون دولار).
في سبتمبر/أيلول العام الماضي، أصدرت تسع دول أوروبية هي هولندا وألمانيا وفرنسا والسويد وإيطاليا وبلجيكا ولوكسمبورج والدنمارك وبلغاريا بيانا مشتركا، يطلب من المفوضية الأوروبية اتخاذ خطوات لتعديل أسعار تذاكر الطائرات للتعويض عن الأضرار البيئية وأعلنت هولندا، أنه إذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى اتفاق في نهاية 2020، فإنها ستفرض ضريبة الطيران الخاصة بها.
وحتى الآن، تقول الدول المؤيدة لضريبة الطيران “إن الحركة الجوية الدولية لا تخضع لرسوم ضريبة الوقود أو ضريبة القيمة المضافة على عكس السفر بالسيارة والحافلة والقطار، وأن هذه الصناعة مسؤولة عن نحو 2.5 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، المسؤول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.
علاوة على ذلك، فإن غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الرحلات الجوية التجارية تتزايد بسرعة أكبر مما كان متوقعا في البداية، بمعدل أسرع بنسبة 70 في المائة.
وذكرت تقارير صحفية أن الضريبة الجديدة تشكل ضربة لشركات الطيران الأوروبية التي تعاني انخفاض هوامش الربح، وهو ما ظهر في تراجع أسهم شركة (إير فرانس كي.أل.أم) وكذلك شركة لوفتهانزا، وغيرهما.
تقليل الوقود الأحفوري ينقذ 150 مليون انسان
ومن جهة نظر الخبراء البيئيين فإن ضريبة البيئة هي الحل الأمثل للدفاع عن البيئة وإنقاذها من الدمار وفق قانون: (الملوث يدفع)، ومن هذا المنطلق تعد ضريبة البيئة على الطيران بكل أنواعه مهمة جداً لمواجهه الآثار السلبية لانبعاث الغازات المسببة لزيادة الاحتباس الحراري.
وتظهر الأبحاث ان الابتكارات الفعالة لهياكل الطيارات والمحركات، رغم أهميتها لم تؤدي إلى تحسن بيئي يلوح في الأفق، نظرا لاستمرار انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من السفر جوًا ومن الشحن الجوي، نتيجة تضاعف حجم هذا القطاع لاسيما في أوروبا.
وبالإضافة إلى ذلك، بسبب الضرائب المنخفضة أو غير الموجودة على وقود الطيران، يتمتع السفر جوًا بميزة تنافسية عن أنماط النقل الأخرى بسبب انخفاض الأجور.
ولهذا يستمر الجدل بشأن مدى أهمية فرض ضرائب على السفر الجوي وتضمين الطيران في خطة تجارة الانبعاثات مع رؤية من شأنها ضمان أخذ التكاليف الخارجية الكلية للطيران بالحسبان.
وتحث اتفاقية باريس للمناخ عام ٢٠١٥، الدول الموقعة عليها وعددها ١٩٥ دولة، بالعمل على خفض معدلات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري؛ حتى يمكن خفض درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض بمقدار ١.٥ درجة مئوية.
ووفق دراسة حديثة أعدها باحثون من جامعة “ديوك” الأمريكية، فإنه يمكن إنقاذ حياة قرابة ١٥٣ مليون إنسان قد يتعرضون لخطر الوفاة المبكرة خلال هذا القرن، في حال سرَّعت الحكومات من إجراءاتها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يعني تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة.