الفنانة التشكيلية جاكلين بوتكلان توظف تقنية الزجاج لاكتشاف عتامة الذاكرة وحوار النفس البشرية..
زيورخ – (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
متنقلة بين سويسرا وفرنسا وعدد من الدول الأوربية، تحاول الفنانة التشكيلية جاكلين بوتكلان اكتشاف الانسان عبر الزمن لتستعيد بفنها قصص الوجود الإنساني وعبق التاريخ.
(سويسرا والعرب) التقت هذه الفنانة في معرضها الذي أقامته مؤخراً في مدينة زيورخ بعنوان: عتامة الذاكرة.
وفي البدء تعرفنا جاكلين عن نفسها قائلة: أنا فنانة منذ 25 سنة ويمكنني القول أنا فنانة الإنسان ومتحمسة لذلك، أحب التحديات وأبحث دائماً عن الصعوبات، ولهذا السبب أعمل أغلب لوحاتي بالزجاج وطورت تقنية (عجينة الزجاج) ورجعت أيضاً إلى أعمال الرسم التي أمارسها منذ عدة سنوات وعملت لوحات بالورق الخاص مع الألوان..
وسلسلتي الأخيرة التي أعرضها في زيورخ اسمها بريمفال ((Primeval وهي تمثل اللحظة التي تسبق حدوث شيء ما، وكذلك الحوار بين النفس البشرية والكون..
عتامة الذاكرة
ونستطيع أن نقترب أكثر من عالم الفنانة جاكلين عبر عنوان معرضها (عتامة الذاكرة) وأسماء لوحاتها (شعرت بقلبي ينبض) وعدة منحوتات من الزجاج، والذي أقيم في إحدى صالات عرض المدينة القديمة لزيورخ..
تقول الفنانة جاكلين: كل موضوع من الماضي يعرّفنا على عالم ينتقل من الزمني إلى الدائم أيضاً، وهناك أوجه تشابه بين هذا الموضوع والمواد وتقنية “عجينة الزجاج”، التي أستخدمها لإنشاء القطع الخاصة بي، حيث يتم وضع مسحوق الزجاج في طبقة رقيقة على جدران القالب، ويمثل في جوهره دوام الهشاشة.
وتعتبر تقنية الزجاج المصهور فن له قواعد لابد من مراعاتها عند العمل لتجنب انكسار الزجاج عند تبريده ليعكس حالة (الاستدامة والهشاشة) في الحياة، وهو ما يناسب فلسفة الحياة عند هذه الفنانة المزدوجة الجنسية فرنسية وسويسرية بآن واحد.
جذور الذاكرة التي لا تنطفئ
تقول عن تجربتها: أعمل كعالم آثار يكتشف آثار الماضي المدفونة في الأرض، وأشعر بإحساس Déjà-vu (أي شوهد من قبل) عندما أرى الأشياء التي صنعتها القبائل البدائية، فإنها تسبب لي شعوراً بالتعرف على الأشياء المألوفة والقوام والألوان والأشكال.
وتضيف: أعرف في أعماقي أنني أعرفهم بالفعل، وأنهم ينتمون إلى أعماق جذوري، هذا العمل هو أيضًا انعكاس لموضوع “الدوام والهشاشة” المتعلق بإنسانيتنا على نطاق عالمي أو فردي.
فنانة غامضة.. سرق القدر طفولتها
تقول الناقدة فيرونيكا كومو: الفنانة جاكلين بوتكلان غامضة كما يمكن أن يكون الفنان المعاصر، ونشأت في شمال فرنسا حيث سرق القدر طفولتها، متذبذبة بين دور الأيتام وثكنات ما بعد الحرب في بريست بفرنسا، وتظهر في فعل المرونة الفطرية التزامها بالفن باعتباره الثابت الوحيد لها في الحياة.
وتضيف كومو: ربما بسبب تجاربها المؤلمة، فإن نوعاً من رد الفعل الناقص للذاكرة يحمي الفنانة بوتكلان من ماضيها المبكر حيث تعترف قائلة: (حياتي أشبه بالعجلة البخارية تجبرني على النسيان)، وأن فنها بالتحديد هو الذي يستعيد آثاراً من الماضي، لاستحضار ذكريات قديمة في محاولة للتذكر.
أسرار تقنية الزجاج
وعن تقنية الزجاج تقول كومو: يبلغ عمر الزجاج آلاف السنين، لكن تجارب جاكلين كشفت عن مزاجها غير المتوقع في منحوتاتها وجدارياتها، لأن الزجاج له دائماً الكيمياء والتهجين وحقن المواد المختلفة لتحقيق شخصيات متعددة.
وأضافت: استخدمت الفنانة جاكلين تقنيات ووسائط مختلفة بمرور الوقت، علمت نفسها بشكل أساسي، وبدأت في تجربة الزجاج المصهور في عام 2001 بعد العمل في السيراميك لعقود.
وخلصت للقول: باستخدام الزجاج المصهور، تحقق هذه الفنانة تأثيراً إضافياً خارقاً مثل بقايا الذاكرة للإنسانية نفسها، وتعتبر تقنية عجينة الزجاج وسيلة شائعة خلال فترة الفن الحديث، ويتم صهر مسحوق الزجاج في قالب، مما يمنحه مظهر حجر شبه كريم.