الحكومة السويسرية توصي برفض مبادرة لتسهيل التجنيس…!؟
- برن – (سويسرا والعرب):
أكد المجلس الاتحادي السويسري (الحكومة) أن المبادرة الشعبية “من أجل قانون جنسية حديث (مبادرة من أجل الديمقراطية)” تشكل انتهاكًا كبيراً لصلاحيات الكانتونات، ولهذا السبب يوصي المجلس برفض هذه المبادرة دون معارضته لمقترح مضاد مباشر أو غير مباشر.
وفي اجتماعه المنعقد اليوم الأربعاء، أصدر المجلس الاتحادي تعليماته إلى وزارة العدل والشرطة الاتحادية بإعداد رسالة بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وفقاً لما نشرته الحكومة على موقعها الرسمي.
تهدف مبادرة الديمقراطية، التي تم تقديمها للبرلمان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، على وجه الخصوص إلى ضمان أن التشريع في مجال التجنيس سوف يقع في المستقبل ضمن اختصاص الاتحاد، وتنص المبادرة أيضًا على الحق في الحصول على الجنسية السويسرية بعد خمس سنوات (بدلاً من عشر سنوات حالياً) من الإقامة القانونية في سويسرا، بشرط ألا يكون الشخص المعني قد حكم عليه بالسجن لمدة طويلة، وألا يعرض الأمن الداخلي أو الخارجي لسويسرا للخطر، وأن يكون لديه معرفة أساسية بلغة وطنية.

تعارض صلاحيات الكانتونات
وقال المجلس الاتحادي في تبريره: أنه في الوقت الحالي، يتضمن إجراء التجنس العادي ثلاثة مستويات، تتوافق مع المستويات الثلاثة لحقوق المواطنة في بلدنا (الفيدرالية والكانتونية والبلديات) ولكل من هذه المستويات الثلاثة متطلباتها الخاصة.
وأضاف: لذلك لا يتم تنظيم عمليات التجنس بشكل موحد في بلدنا، بينما يطالب أصحاب (مبادرة الديمقراطية) بإجراءات تجنيس موحدة في جميع أنحاء سويسرا تسعى لتسوية الاختلافات الكانتونية والفدرالية وتعزيز المساواة في المعاملة.
ويرى المجلس الاتحادي أن المبادرة تشكل هجوماً جوهرياً على السلطات الكانتونية والطابع الفيدرالي لإجراءات التجنس العادية، مؤكداً أنه على المستوى العملي يجب الحفاظ على حق المواطنة على مستوياتها الثلاثة واختصاصات مستويات الدولة المختلفة، ولهذا السبب قرر أن يوصي برفض هذه المبادرة الشعبية دون أن يعارضها بأي مقترح مضاد.
وأكد المجلس الاتحادي أنه سبق وأن تلقى من وزارة العدل والشرطة الاتحادية تقريرا بشأن العديد من الدراسات المتعلقة بالتجنيس، والتي تم إعدادها بناء على فرضيتين بشأن قانون الجنسية اعتمدهما البرلمان، وتشكل هذه الدراسات الأساس لتحديد إمكانيات تحسين إجراءات التجنيس واتخاذ تدابير مستهدفة، على سبيل المثال فيما يتعلق بجودة محاضر مقابلات التجنيس أو الشفافية والكفاءة وتوحيد الإجراءات.
هذا وسوف ينتظر المجلس الاتحادي التقارير التي سيتم إعدادها تنفيذاً للمبادئ المذكورة قبل اتخاذ أي قرارات تهدف على وجه التحديد إلى إزالة العقبات التي تحول دون التجنس، وسيتم نشر الدراسات في وقت لاحق كجزء من ردود المجلس الاتحادي على هذه القضية.
مبادرة تسهيل التجنيس
استطاعت المبادرة الشعبية (مبادرة الديمقراطية) أن تجمع ما يكفي من التوقيعات وهو أكثر من مئة ألف ومن كل الكانتونات وضمن المدة الزمنية اللازمة وسلمتها إلى الحكومة الاتحادية والبرلمان يوم 21.11.2024 .
وتهدف المبادرة التي أطلقتها قبل عامين منظمة (العمل لأجل أربعة أرباع) Action Quatre Quarts إلى تسهيل عملية التجنس بعد خمس سنوات من الإقامة القانونية في سويسرا بدلاً من قواعد التجنيس الحالية التي تعتبر الأكثر صرامة في أوروبا بعد قبرص.
وأكد أصحاب المبادرة أنهم يريدون معالجة خلل الديمقراطية في سويسرا، حيث يستبعد أكثر من ربع السكان المقيمين من الحصول على نفس الحقوق السياسية، وتقترح المبادرة الشعبية الجديدة تسهيل عملية التجنيس، ليصبح بعد خمس سنوات وبشروط بسيطة وهي المعرفة الأساسية باللغة الوطنية واحترام القوانين والأنظمة.
وتسعى المبادرة أيضاً لتكون شروط الحصول على الجنسية واضحة وعادلة وسهلة، حيث الاختلافات الحالية في المتطلبات من بلدية إلى أخرى ومن كانتون إلى آخر تعقد العملية.
ويعتمد نجاح المبادرة على ما يفعله المجلس الاتحادي (الحكومة) والبرلمان، وقد تجد هذه المبادرة متطرفة وتقترح بديلاً أقل تطرفاً، ومن المتوقع أن يستغرق مناقشة الأمر ما لا يقل عن عام ونصف أو أكثر حتى يتخذ قرار بشأنها، لتعرض على الشعب للتصويت عليها.

المبادرة الشعبية وشروط نجاحها
تم اعتماد “المبادرة الشعبية” في سويسرا ابتداء من عام 1891، وهي إحدى الأدوات الرئيسية للديمقراطية السويسرية المباشرة، حيث يحق لأي مواطن اقتراح تشريعات جديدة من خلال إطلاق مبادرة شعبية.
وعادة يتم اقتراح هذه المبادرات من قبل المجموعات المُدافعة عن مصالح محددة، وبمجرد أن يتمكن المبادرون من تجميع ما لا يقل عن مئة ألف توقيع على مدار ثمانية عشر شهرًا لفائدة دعم الاقتراح، يتم طرحه للتصويت على مستوى البلاد.
لكن.. ومن أجل مرور أي مبادرة، يجب أن تنجح في الحصول على (أغلبية مزدوجة).. أي على أغلبية أصوات الناخبين على المستوى الوطني وعلى الموافقة في أغلبية الكانتونات.
وبالمقابل.. يحق للمجلس الاتحادي (الحكومة) إنشاء اقتراح مضاد للتعديل المقترح وطرحه للتصويت في نفس يوم الاقتراح الأصلي، وعادة ما تكون هذه المقترحات المضادة بمثابة تسوية بين الوضع الراهن ونصّ المبادرة.
ويقرر الناخبون عبر تصويت وطني فيما إذا كانوا سيقبلون تعديل المبادرة، أو الاقتراح المضاد المقدم من الحكومة إن وُجِدَ أو كليهما، في حال قبول كليهما يتعين إعطاء الأولوية لأحدهما.. يجب قبول المبادرات (ذات المستوى الدستوري) بالأغلبية المزدوجة لكل من الأصوات الشعبية وأغلبية الكانتونات، في حين قد تكون المقترحات المضادة ذات مستوى تشريعي وتتطلب أغلبية بسيطة.