الجدل في سويسرا يتصاعد حول أسلوب التعامل مع كورونا
· (سويسرا والعرب) – برن
لم ينقطع الجدل في سويسرا حول الإجراءات الحكومية للتصدي لفيروس كورونا لاسيما بعد خطوتها الأخيرة بالعودة إلى الحياة شبه الطبيعية..
البعض يرى أن التجربة السويسرية ممتازة ونموذجية والبعض الآخر يراها متسرعة ولا تأخذ بالحسبان احتمال إمكانية عودة الخطر مرة ثانية.. فماذا يقول المسؤولين وماذا يقول الناس؟ لنتابع معاً..
الاستجابة كانت سريعة
قال وزير الصحة السويسري آلان بيرسيه: قمنا بكل ما يلزم لمكافحة فيروس كورونا المستجد، ومن ثم نعرف اليوم الكثير عن هذا الفيروس أكثر مما كان عليه في بداية الأزمة، مؤكداً إن الوضع في نهاية فبراير/شباط وبداية مارس/آذار لن يتكرر مرة أخرى.
وأضاف قائلاً: انا متفائل، رافضاً بشدة الانتقادات الموجهة للحكومة بأن سويسرا لم تكن جاهزة وذلك في مقابلة نشرتها أمس الثلاثاء صحيفتي (لا ليبرتيه) و(لونوفليست).
وردا على سؤال حول عدم استعداد سويسرا للاستجابة بسرعة، أجاب المستشار الاتحادي: ليس من الصحيح القول إننا لم نكن مستعدين، فقد تابعنا مكافحة انتشار هذا الوباء منذ يناير/كانون الثاني، وتم إطلاق فريق عمل تابع للمكتب الاتحادي للصحة العامة.
وخلص للقول بأن هناك مؤشرات تدل على تحسن الوضع والحكومة تقوم حالياً بمراجعة خطة الوباء مع الجهات المعنية.
أسرعنا برفع القيود
وكان ماتياس إيغر رئيس فريق مكافحة فيروس كورونا قد صرح قبل أيام لصحيفة (ام سونتاغ) أن إجراءات رفع الإغلاق التي أعلنت عنها الحكومة يوم الجمعة 19 يونيو/ حزيران، سابقة لأوانها.
وذهب للقول: ما زلنا نفتقر، كما كان الحال من قبل، إلى نظام مراقبة فعال يغطي سويسرا بأكملها، ومن غير الواضح بعد مدى جودة نظام تتبع الاتصال، منوهاً إلى أن التخفيف بسرعة قد يعرض البلاد للخطر في حال انتشر الفيروس مرة أخرى وذلك من وجهة نظر علمية.
واستدرك قائلاً: إن مكافحة الوباء سارت بشكل جيد حتى الآن، لكن يبدو أن عدد الإصابات الجديدة قد زاد خلال الأسبوعين الماضيين ويحتمل أن يكون معدل التكاثر 1 أو أعلى، وربما يعود سبب ذلك إلى عمليات التخفيف.
ويشير معيار معدل التكاثر أو القيمة “R”إلى عدد الأشخاص الذين ينقل لهم الشخص المصاب بالفيروس العدوى، ويجب أن يبقى أقل من واحد لضمان معدل انتشار منخفض للمرض.
وشدد المسؤول الصحي على أهمية تتبع الاتصال وجمع البيانات وتدابير الحجر الصحي في الكانتونات، إضافة لإجراء الاختبارات بسرعة وعلى نطاق واسع في المواقف عالية الخطورة، وعند حالة الاشتباه في تفشي المرض، يجب اختبار دائرة الفرد بأكملها.
يذكر أن عدد الإصابات الجديدة انخفض من 1000 حالة يوميا في وقت ذروة انتشار المرض منتصف مارس/آذار إلى 10-35 حالة يوميا في الأسابيع الماضية، وأظهرت المستشفيات قدرتها على التأقلم ولم ينهار النظام الصحي بسبب ارتفاع عدد الحالات مرة واحدة.
الإجراءات الأخيرة
ويذكر أن الحكومة السويسرية كانت قد أعلنت في 19 يونيو/حزيران أنها ستلغي معظم إجراءات الإغلاق المتبقية، التي تم إقرارها لمكافحة انتشار الفيروس التاجي، لتعود إلى الحياة شبه الطبيعية، وذلك اعتباراً من 22 يونيو/حزيران.
وبالفعل بدأت سويسرا مطلع الأسبوع الحالي بتنفيذ هذه الإجراءات والتي سبق وأن نشرها موقع (سويسرا والعرب) وأهمها تقليص “المسافة الاجتماعية” الموصى بها من مترين إلى 1.5 مترًا ،والسماح بتنظيم فعاليات يشارك فيها ما يصل إلى 1000 شخص (300 شخصاً سابقاً)، بشرط ضمان تتبع الاتصال، ورفعت القيود المفروضة على أوقات فتح الأعمال التجارية مثل الحانات والمطاعم، وسمح بتنظيم التجمعات والمظاهرات شريطة ارتداء الكمامات الطبية ، وألغيت توصية العمل من المنزل وترك الأمر لأرباب العمل لتقرير ووضع تدابير السلامة اللازمة.
مؤيدون.. ومعارضون
وفقاً لاستطلاع صحفي لموقع (سويس أنفو) حول تعامل الحكومة مع هذا الوباء، فإن أغلبية المشاركين أظهروا رضاهم عن تلك الإجراءات، ولكنهم يرون بأن هناك أشياء كان يمكن للحكومة القيام بها بشكل أفضل.. فالاستجابة الأولية تأخرت ولكن توجيهات الحكومة كانت واضحة طوال الوقت والتزم معظم المواطنين فيها، وكان النهج المعقول لرفع إجراءات الإغلاق رائعاً، لاسيما وأن البلاد لم تشهد مثل هذا الوضع سابقاً، وأن هناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها.
بالمقابل فإن بعض المعارضين يتخوفون من موجة ثانية محتملة، ويعتقدون أن الحكومة ترددت في جعل ارتداء الأقنعة إلزامياً.
وأكدوا أنه لا يزال من المبكر للغاية تخفيف القيود كثيراً ولن يحترم الناس تدابير مسافة الأمان الاجتماعي أو النظافة، ولهذا يجب أن يكون ارتداء الأقنعة إلزامياً لأنه يمكن أن يصاب الناس بالفيروس ولا تظهر أعراضه عليهم لعدة أيام ولكنهم ينشرونه.
أما الفئة الثالثة من المشاركين فتعتقد أن إجراءات الإغلاق لم تكن صارمة بما فيه الكفاية، ولم يكن الكثيرون راضيين عن طريقة تنفيذ التدابير ووصفوها بأنها جاءت متأخرة جداً، في حين ترى الفئة الرابعة بأن القيود شكلت تعديا كبيراً على الحرية الشخصية وأن الإغلاق في سويسرا كان صارمًا للغاية، وقالوا :من الواضح أننا يجب أن نعتني بأنفسنا، ولكن حبس الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً ليس الحل، فسيصاب الكثير منهم بالاكتئاب.
الفئة الخامسة كانت في حيرة من أمرها بسبب تشويش ذهني من المعلومات المتناقضة التي تلقوها، وكل شخص يفعل ما يراه مناسباً، ولا يريدون المزيد من الجدل حول الموضوع، وهم يعتقدون أن الحكومة فشلت في معالجة هذا الارتباك، وخلال المؤتمرات الصحفية تم طرح العديد من الأسئلة الواضحة، لكن المسؤولين لم يعطوا إجابة مباشرة عليها على حد قولهم.
موضوع جيد فيه الكثير عن ما نعيشه يوميا في سويسرا..