ليال إسماعيل تتحدث لـ (سويسرا والعرب): قصة نجاح جمعيتنا بدأت بفكرة لاندماج النساء المغتربات في سويسرا
جمعية (نعيش معاً) تضم مئة عائلة ومن مختلف الجنسيات وتقدم استشارات للجميع
بيل/ بيين- قاسم البريدي:
استطاعت جمعية (نعيش معاً) في مدينة بيل/ بيين التي تجمع أكبر عدد من الجنسيات الأجنبية في سويسرا، أن تثبت جدارتها لإدماج المرأة المغتربة بشكل عام والعربية بشكل خاص لتنهض بدورها في المجتمع الجديد.
عن قصة ولادة الجمعية ونجاحها كان لـ (سويسرا والعرب) هذا الحوار مع ليال إسماعيل مؤسسة ومديرة الجمعية..
مبادرة عفوية.. وجدت الدعم
تقول ليال إسماعيل: بدأت الفكرة بالتوجه للنساء الذين يلتزمون ببيوتهم لإخراجهن إلى أنشطة مجتمعية، وبعضهن غير مستقلات مادياَ أو قد لا يعرفن اللغة كفاية أو يعرفنها لكنهن يعشن ضمن بيئة ضيقة، وبدأت لقاءاتنا لنحو شهرين وأخذنا الموافقة من إدارة حي (بوجان) الذين شجعونا بشكل كبير، وبعد ذلك طلبوا منا لقاء مع مسؤولة الاندماج في المدينة..
وأضافت: عندما ذهبت للسيدة تامارا مسؤولة الاندماج لم أكن أعرف ما أريد أن أتحدث به، لأن مشروعنا كان عفوياً وليس له اسم، فطلبت مني إعطائها أفكار محددة لنشاطاتنا فعرضت عليها أربعة مشاريع، ونصحتنا بإحداث جمعية أهلية لتسهيل ذلك ، وكتبنا البرنامج لمشروعنا مع الميزانية ولم يكن أمامنا مهلة للتقديم سوى بضعة أيام لإرسال البرنامج إلى برن، وفي شهر 12 وافق كانتون برن عليه بالرغم أننا لم نحدث الجمعية رسمياً ، وعادة لا يوافقون على برامج لأشخاص ولهذا كان علينا الإسراع بإنشاء الجمعية، ويكون لها حساب بنك لنعود التواصل معهم، وقبل نهاية 2015 عملنا الجمعية ..وفعلاً كانت الانطلاقة عام 2016 وحصلنا على دعم من مكتب خدمة الاندماج ومن الحي في بيل وكذلك حصلنا على دعم من برن.
مفاجأة سارة: استقطاب النساء بسرعة..
وعن بدايات انطلاقة جمعية (العيش معاً) تقول مديرة الجمعية: السنة الأولى كانت مفاجأة بالنسبة لنا، حيث لم نكن نتوقع أن نستقطب بهذه السرعة نساء من ثقافات مختلفة، وبذات الوقت نكسب ثقة الجميع، وعندها بدأنا نتعرف على تلك الثقافات -وحتى بالنسبة لي شخصياً كنت جديدة في سويسرا- وبدأنا ننشط بالاجتماعات والتعرف على بعضنا البعض، وكلما كان لدي معلومة جديدة انقلها لهن، وحتى النساء أنفسهن بدأن يطرحن الأسئلة ويستفسرن عن أمور متعددة..
وأضافت: أغلب النساء لأول مرة يلتقون داخل الباص في رحلة واحدة، وبعضهن مقيمات هنا منذ سنوات طويلة، وأنا للمرة الأولى التي أتعرف فيها على وسائل النقل وكيف نأخذ القطار والباص، ولهذا عملنا نشاطات مكثفة وممتعة.
وتتابع ليال إسماعيل: كان الاندماج الاجتماعي يتصدر عملنا في المرحلة الأولى، وعدد المشاركات يزداد لدرجة أننا حينما نجتمع في رحلة وكأننا في مظاهرة، وبعض السائقين كان يفاجأ ويقول: كان عليكن أن تعلمونا مسبقاً وتحجزوا مقاعد لأن عددكم كبير…؟
وتضيف: من المهم جداً في تلك المرحلة أن نتحدث مع جميع المشاركات بلغتهم الأم، علماً أن بعض النساء المشاركات يتحدثن الفرنسي أو الألماني أو الإنكليزي أو التركي أو الأرمني، وكنا كإدارة جمعية نستطيع التواصل معهن جميعاً، فزميلتي سوزان تتكلم التركي والأرمني إضافة للفرنسي والألماني.
المرحلة الثانية: الاندماج الاقتصادي
وعن المرحلة الثانية في عمل الجمعية تقول ليال: لاحظنا أن بعض النساء المقيمات منذ فترة ليست قصيرة، كن يحتجن أن نعطيهن المعلومات بلغتهم الأم كي يستطعن تفهم واقع المجتمع والحياة في سويسرا في المرحلة الأولى لينطلقوا بعد ذلك إلى مرحلة ثانية من الاندماج الاقتصادي، والتي أخذنا فيها على عاتقنا السعي لمساعدة المغتربة أو المغترب ليكونوا مستقلين اجتماعيا ومادياً.
وتتابع القول: هناك خطوات تسبق الاندماج الاقتصادي للمغتربة كاللغة والتعرف على المؤهلات الذاتية إذا كانت تمتلك شهادة وهل تحتاج إلى تعديل أم لا.. وهل ستدرس شيئاً جديداً أم لا، وكنا نلاحظ أن أغلب الأشخاص يقفون على العائق المادي لأن التعليم في سويسرا تكلفته عالية، وكنا نرشدهم أن هناك منظمات تستطيع أن تقدم لهم مساعدات مادية للتعلم وكثير من الأخوات أصبحن يعملن، وهن أصلاً بعمر صغير ولديهن طاقات كبيرة، ولم يكن يعرفن كيف يوظفونها، وعملنا على التحفيز والتشجيع لهن.
التوجه للرجال عبر الطبخ الجماعي
وعن سؤالنا عن التوجه للرجال تجيب سوزان نائبة مديرة الجمعية: كان برنامجنا الأول يتمحور على فئات النساء والأطفال، وعملنا برنامج ثاني للطبخ والطعام الجماعي والذي يجذب مئة بالمئة الرجال أيضاً ليشعروا أنهم معنيين أيضاً ضمن الأسرة المغتربة، ويستطيعون أن يجلسوا معنا كنساء للحوار في شؤونهم اليومية.
وتضيف: كنا نعمل على تشجيع الناس للمشاركة، وفي كل مرة كان الطبخ من بلد معين، وهذا يحمل خصوصية وثقافة جديدة، وكنت أتنقل أنا وزميلاتي في إدارة الجمعية من طاولة إلى أخرى لنكسب ثقة المشاركات، ونسمع أسئلتهن الشخصية ونقدم لهن النصح ونرشدهن للعناوين المناسبة وكيف يتصرفن بشكل صحيح، وبعض الأيام يكون لدينا بطاقات دعوة لأنشطة مهمة ومفيدة سنقوم بها، إضافة لترك عناويننا ليعودوا بالاتصال بنا والاستفسار عن بعض أمورهم اليومية.
وخلصت للقول: كان الطعام الجماعي فرصة للتعرف على الهموم الشخصية والمساعدة على معالجتها، ونحن نريد أن نشجع الجميع للرجوع إلى الجمعية للحصول على الجواب الصحيح، ويهمنا أن نوجه الناس إلى الجهات المناسبة تماما، بمعنى أن تكون الجمعية قنوات تواصل مع المكاتب المعنية والأشخاص المختصين.
أما الأطفال فكان لهم حصة في كل البرامج، وهناك من يتابعهم ولم يكن لديهم أي مشكلة في اللعب معاً، حتى لو كانوا يتحدثون بلغات مختلفة، ودائماً كلما يكون هناك لقاء للنساء يحضر الأطفال بشكل تلقائي، وكنا نحرص على اختيار أماكن فيها لعب للأطفال أو أننا نخلق لهم لعب مناسبة.
طفلات الأمس.. شابات اليوم والغد
وعن التوجه للشباب تقول مديرة الجمعية ليال إسماعيل: بالنسبة لفئة الشباب برز دورهم المهم في الجمعية في وقت لاحق، فالعائلات التي كانت تلتقي معنا في عامي 2015- 2016 كان أولادهم بأعمار صغيرة، والآن صارت أعمارهم فوق ال 15 او 16، وأصبح للفتيات مجموعة خاصة بهن، وأصبحن يعملن معنا كمتطوعات في جميع نشاطاتنا، ليتعرفن على المجتمع، ويكون لهن دورهن الخاص والمميز.
وقالت ليال: في الوقت الراهن نركز على مساعدة الشابات للحصول على التدريب والتأهيل، وكلما ساعدنا شابة في الوصول إلى طريق التدريب، وتصل إليه فهذا هو مكسب كبير لنا كجمعية.
وأضافت: بعد تخفيف إجراءات كورونا سيكون هناك لقاءات خاصة للفتيات أنفسهن على غرار لقاءات النساء، وسيجذبن أصدقائهن أيضاً ومعارفهن، ليكون لديهن أنشطة أوسع وأكثر فائدة ومتعة.
وكشفت ليال أن التوجهات القادمة للجمعية ستركز على إقامة دورات ارشاد قصيرة للشابات من قبل مختصين لتحفيزهن وزيادة الثقة بأنفسهن، ويمكن أن تتواصل الجمعية مع جمعيات وجهات مختصة، تعمل مثل هذه الدورات، وتمنح بها شهادة باسم المشاركة.
أنشطة جماعية.. وعقبات
وعن عدد الأعضاء المشاركات في الجمعية تقول: لدينا نحو مئة عضو على الأقل وهذا يعني مئة عائلة، ومن جنسيات مختلفة عربية وارتيرية وافغانية وتركية وغيرها وكذلك تشارك معنا عائلات سويسرية أيضاً، التي لديها الرغبة أن يشارك أولاهم مع أبناء الجاليات المغتربة وهناك اجتماع سنوي للجمعية يحضره الجميع ونناقش به خططنا السنوية.
وأوضحت أن الأنشطة المشتركة متنوعة وهناك مثلاً حفلات نهاية العام ونوزع فيها هدايا للأطفال ضمن أجواء فنية تقدم خلالها المأكولات، وكانت المشاركة فيها كبيرة، وهناك إفطار رمضان الذي كنا نقيمه سنوياً لثلاث سنوات متوالية وتوقف العام الماضي وهذا العام، وكان يجمع أكثر من مئتي وخمسين شخص لكن توقف مؤقتاً بسبب إجراءات كورونا.
أما أبرز العقبات برأيها تقول: الحصول على الدعم المادي، لأنه مسألة صعبة لتغطية نفقات النشاطات المختلفة، وهو ليس سهلا وعندما نقدم طلبات لمدينة بيل أو كانتون برن، فهذا يتطلب منا جهداً كبيراً والعمل من الصفر لكتابة الميزانية المطلوبة للمشروع، وفي نهاية العام هناك كشف حساب للنفقات التفصيلية.
تجديد الإقامات.. أصعب…!؟
تقول ليال إسماعيل لـ (سويسرا والعرب): القوانين في سويسرا تغيرت وأصبحت أصعب بكثير، وأقول للناس التي مازالت تتلقى مساعدات اجتماعية منذ فترة طويلة: حان الوقت لطرق أبواب العمل ومن لا يستطيع العمل بسبب عدم وجود مؤهل مهني، عليه أن يبحث عن دورات، وحتى لو لم يكن لديه إمكانية مادية هناك جمعيات تساعده بالتكلفة، والمهم أن يكون لديه شهادة مهنية هذا أولاً، وثانياً بالنسبة للأشخاص الذين لديهم مؤهلات ويبحثون عن عمل ولم يجدوه في هذه الظروف، عليهم أن يحتفظوا في كل مراسلاتهم والايميلات والردود حتى السلبية ويحتفظوا بها لأنها تحميهم..
وأضافت إسماعيل: هناك خوف حقيقي للناس الذين لا يعملون، حين تجديد الإقامة لهم ويمكن للسلطات تخفيضها من إقامة c إلى B وهناك من لديهم إقامات لا يتم تجديدها منذ سنة أو أكثر، ويطلب منهم دليل خلال الفترة الماضية ماذا عملوا لتحسين وضعهم (إجراء دراسة او تدريب أو التقدم إلى العمل ولم يجده) وعليهم ان يحتفظوا بإثبات لصحة كلامهم..
فرصة ذهبية للإقامة (ف)
وعن الإقامة المؤقتة (F ) تقول ليال رئيسة جمعية معاً نعيش: بما انهم اختاروا أن يأتوا إلى هنا أو أرغموا على ترك بلدهم، فنوع إقامتهم المؤقتة ليس معناه شيء سلبي أو نهاية الطريق.. لا برأي بالعكس معناها: أنت في بداية الطريق وأنت الذي تقرر اختيار الطريق الصحيح أو تبقى على هذا النوع من الإقامة، بشكل مؤقت ولسنين طويلة، وعليك فوراً أن تعمل اندماج اجتماعي ثم اندماج اقتصادي متخصص وأذهب مباشرة إلى سوق العمل..
وأضافت: القانون الحالي يمنح هؤلاء فرصة من ذهب، فقط عليهم أن يكونوا سنة واحدة خارج المساعدة ليحصلوا على إقامة B ، وهذه فرصة ممتازة وليس لديهم قرار تعجيزي مثل الحاصل على إقامة ويريد الجنسية ومطلوب منه أن يكون قد عمل منذ عشر سنوات على الأقل.. وعليهم إذن أن يسارعوا لهذا الطريق القصير، فقد يتغير القانون ويطلبوا – مثلاً- ان يكون خمس سنين خارج المساعدة الاجتماعية وينتهزوا الفرصة وهناك طرق واضحة وسهلة أمام جميع الحاصلين على هذا النوع من الإقامات.
استشارات مجانية للجميع
جمعية (العيش معا) في مدينة بيل/بيين.. هي جمعية اجتماعية غير ربحية لدعم المهاجرين، والجميع فيها متساوون بغض النظر عن أصولهم وألوان بشرتهم ومعتقداتهم.
وعن المشاركة في الجمعية وطلب المشورة منها، تقول مديرة الجمعية: يمكن لمن يريد المشاركة في أنشطة الجمعية أو يتلقى نصائح واستشارات ان يتواصل معنا مباشرة، ويتابع صفحة الفيس بوك الخاص بالجمعية والانضمام إليها..
كل يوم اربعاء لقاء مفتوح من الساعة الثانية لغاية الساعة الرابعة من بعد الظهر في:
Ort Der على العنوان : Rue du marché 34 لتبادل النقاش معاً بمواضيع مختلفة، والاستفادة من المعلومات المتاحة، لاسيما حول الاندماج المتخصص(الاقتصادي) بما يتضمن من مواضيع حول اللغة والعمل وحتى كيفية المساعدة في دفع تكاليف التعليم والتأهيل.
وتقول: الجمعية توجه من يراجعها إلى ناس متخصصين ولا تأخذ على عاتقها إيجاد الحل فهي لا تحل محل غيرها، وهناك خدمات مجانية تقدمها البلدية والأحياء التابعة لها، وإذا كان عند أحد مشكلة في أوراق الإقامة وكان الطلب استفسار فقط نقوم بالإجابة ونقدم رأينا، وإذا كانت المسألة تتطلب تحضير رسائل خاصة وأوراق، فننصحه بالتوجه إلى مكتب خدمة الاندماج، الذي تقدم كل ما يلزم من رسائل واتصالات وغيرها مما يحتاجه.
الجمعيات العربية.. لا تتلاقى…!؟
(سويسرا والعرب) سألت ليال إسماعيل عن التنسيق مع الجمعيات العربية الأخرى فتجيب بصراحة: إنه ليس على ما يرام، فعندما نخطط لعمل مشترك نجد عند التنفيذ تباين المواقف والتناقضات، وهناك جمعيتين هنا في المدينة أيضاً يعملن بشكل ممتاز.. والباقي بلا تعليق…!؟
وهل نستطيع ربط الجمعيات العربية في شبكة واحدة؟ تجيب ليال: هذا صعب جداً والمشكلة بالمردود المادي الضعيف، وتضحك وتقول: إذا استطعت يا قاسم تحقيق هذا الحلم سأصفق لك.. والمهم برأي أن نكون فعالين على الأرض لا التنظير والخطابات..
سؤال آخر: لماذا بقاء رئيس الجمعية دون تغيير لفترات طويلة؟ تجيب ليال إسماعيل: لا يوجد مشكلة برأي طالما يقوم بعمل ممتاز، والادارة نفسها لا تتغير ليست مشكلة كذلك طالما تعمل بنجاح وبروح جماعية، خصوصا للإدارات التي تعطي كل طاقاتها ووقتها لنجاح عملها، وحتى في الجمعيات السويسرية نجد إدارات ورؤساء مستمرين بمنصبهم منذ فترة طويلة، وطالما يعمل بنجاح يستمر بمركزه، وبالعكس هناك حرص على عدم ترك بعض الإدارات لمجلس الإدارة للثقة بها وإمكانياتها ولهدف الجمعية وليس هدف شخصي.