آراء وحوارات

د. سامي الشيخلي لـ (سويسرا والعرب): ليت العرب يستطيعون اليوم محاكاة التجربة السويسرية!؟

سويسرا والعرب- قاسم البريدي

كيف ننظر لاندماج العرب في أوربا وسويسرا خاصة؟.. وهل يمكن جعل صوتهم مسموعاً ومؤثراً؟ وما مستقبل العلاقات السويسرية العربية؟ وما مدى الحاجة إلى المزيد من وسائل الإعلام السويسرية الناطقة بالعربية؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيبنا عليها المغترب الدكتور سامي عبد الستار الشيخلي المختص في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في هذا الحوار..

س1 – لو سمحت هل تعرفنا عنك ودراستك في أوروبا؟

كنت مدرساً للغة العربية في ثانويات بغداد، وسافرت لمواصلة الدراسة الى المانيا في عام 1974 بمساعدة أخي المقيم فيها، فأكملت الماجستير ثم الدكتوراه في الأدب العربي المعاصر وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة هايدبرغ الواقعة في وسط جنوب ألمانيا، ثم انتقلت منذ عام 1998 مع زوجتي الى مدينة بيل في سويسرا.

س2- من وجهة نظرك كمختص ومغترب حدثنا عن اندماج العرب في المجتمع الأوربي؟

يمكن التميز عموما بين فترتين لهجرة الأجانب والعرب الى أوربا، الفترة الأولى ويمكن أن نطلق عليها (الفترة الذهبية) وتمتد من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1985 ميّزتها انفتاح المجتمع الأوربي على بعضه البعض وعلى حاجته للأيدي العاملة من داخل وخارج أوروبا صناعة وتجارة مع الأسواق الخارجية كإفريقيا وآسيا، وتتميز هذه الفترة كذلك بانفتاح المجتمع الأوربي والتسامح مع نفسه ومع العالم الخارجي وكان الاجنبي عموما والطلبة خصوصا ذو منزلة محترمة ً نظراً للحاجة لهم في بناء السوق الصناعي الداخلي وكذلك للأسواق التجارية الخارجية على السواء، ولهذا اندمج الجيل الأول في المجتمع بلا مشاكل ورجع قسم منهم إلى بلاده.

س3- وماذا عن الفترة الثانية؟

بالنسبة للفترة الثانية للهجرة فبدأت منذ عام 1985 ومستمرة حتى يومنا هذا، وتتميز بأنها فترة تكاثر الحروب والصراعات الداخلية للدول المستقلة حديثاً خارج أوربا وأمريكا، لأسباب جمة منها النزاعات على الحدود والمياه والطاقة واهمها النزاع على السلطة بين طبقة حاكمة مدعومة من الغرب وطبقة مهمشة وفقيرة تريد أن تبني لها كيانات داخل بلدانها.

ونتيجة هذا الواقع أضحت الهجرات إلى أوروبا تتزايد بأعداد كبيرة من الدول المتخلفة التي لم تستطيع أن تبني مجتمعاً صناعياً وتلحق بالغرب، ويمكن ان نقسم المهاجرين الجدد في هذه الفترة إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول غير المتعلمين اللاجئين مع عائلاتهم فيصعب اندماجهم لغوياً واجتماعياً فيكون عيشهم على الهامش، والنوع الثاني فئة المتعلمين وأصحاب المهن فاندماجهم أسهل، وأما النوع الثالث فهم أصحاب الخبرات والكفاءات العالية فيندمجون بسرعة فائقة في سوق العمل حسب الحاجة إليهم.

س4- لننتقل الى دور الجالية العربية في سويسرا؟

لقد ازدادت اعداد الجالية العربية في الفترات الاخيرة واخذت تحاول بلورة وجودها التجاري والاعلامي بعض الشيء ولكنها لم تتمكن برغم كثافتها العالية من تشكيل ثقل سياسي مؤثر في المجتمع السويسري والأوروبي سواء لنفسها أو بلدانها الأصلية، بل حتى الجالية الإسلامية داخل أوروبا ازدادت فترة تواجدها صعودها حسب ما يسمح لها بأخذ دور فاعل، وحاصل القول أنَّ الجاليتين العربية والإسلامية ظلتا من أكثر الجاليات المهمشة في أوروبا.

س 5- هل ينطبق مصطلح المجتمعات المغلقة على الجالية العربية؟

عموماً ينقسم المجتمع إلى قسمين: الأول الأصلي الثابت والثاني المهاجر إليه المتكوِّن من عدة أعراق ودول، وغالباً لا يستطيع هذا الأخير الاندماج بسهولة وبخاصة الجيل الاخير منه لعدة أسباب كاللغة والثقافة والدين والعادات والتقاليد ؛ فهؤلاء لا يستطيعون الاندماج بسهولة في مجتمعاتهم الجديدة، فيكونّوا مجتمعاً مغلقاً خاصاً بهم مثل العرب والأتراك والصينيين وغيرهم كوجود حي تركي في برلين وكولون او الجالية الصينية في أمريكا، والاستثناء هنا الشباب الذين قدموا الى المجتمع الجديد أو ولدوا فيه كجيل الثاني فلهم حظ الاندماج بحكم دخولهم المدرسة والدراسة والعمل والزواج وغيره.

س6- د. الشيخلي ما علاقة سويسرا بالعالم العربي برأيكم؟

تشكل سياسة سويسرا الحيادية علاقة بارزة ومميزة في العصر الحديث بسوقها الدولي والمالي والاقتصادي ثم الصناعي والسياحي، مما جعلها قبلة العرب والعالم سواء في بلاد المشرق أو المغرب أو الخليج.

س7- ..وما مستقبل هذه العلاقة ؟

تتميز علاقة سويسرا السياسية مع الخارج والعالم العربي، بابتعادها عن الضغوط والاستقطاعات الدولية الحادة، لوقوفها على الحياد فحافظت على كياناتها الداخلية التاريخية، وبلورت تجربتها الديمقراطية المتطورة المنفتحة على تجارب إيجابية في العالم، ومن الصعب الاستفاضة في الحديث عن ذلك كله هنا، ولكن يمكن الاستفادة منها لكل الشعوب والأمم كل حسب حاجته.

وأقول: ليت العرب يستطيعون اليوم محاكاة التجربة السويسرية، اعتمادا على إرثهم الحضاري عبر التاريخ الذي استفاد منه الأوربيون في بداية نهضتهم المعاصرة.

س8- وكيف تنظرون إلى إنشاء موقع (سويسرا والعرب)؟

سويسرا موجودة في الاعلام العربي ولها موقع رسمي معروف (سويس أنفو)، ويمثل موقعكم خطوة إضافية خاصة لاختصاصه في الاقتصاد والمال والسياحة والثقافة، ليكون دليلاً إعلامياً واقتصاديا بين سويسرا والعالم العربي بفاعلية جديدة.

س9- هل من كلمة أخيرة؟

أشكركم على استضافتي في موقعكم (سويسرا والعرب) ونأمل أن تتجمع الطاقات العربية المتناثرة هنا وهناك في سويسرا لبلورة نشاطها الإبداعي الكامن، وليكون الموقع صوت المغتربين العرب ونقطة مضيئة لإبراز دورهم واندماجهم الحضاري لمد جسور الأمن والمحبة والسلام في العالم. 

بطاقة د. سامي عبد ستار الشيخلي:

  • مقيم في سويسرا منذ 27 عاماً وقبلها أقام في ألمانيا20 عاماً.
  • مواليد بغداد 1943.
  • متزوج من طبيبة ألمانيـة وله ولد مدرس.
  • دكتوراه في الأدب العربي من جامعة بغداد 1968 وعلم الاجتماع والانتربولجيا من جامعة هايدبرغ في ألمانيا عام 1985.
  • عمل في عدة مجالات أبرزها تدريس اللغة العربية في العراق وألمانيا وسويسرا.
  • درس في عدة جامعات منها جامعة كونستانس.
  • له عدة كتب مترجمة في الأدب وعلم الاجتماع باللغتين العربية والألمانية.
  • يقدم استشارات في الشؤون الاجتماعية.
د.سامي الشيخلي
د.سامي الشيخلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *