في اليوم العالمي للاجئين: معرض فوتوغرافي لنماذج تعيش في سويسرا.. وتريد الاعتراف بحقها الإنساني لا بكونها مجرد أرقام…!؟
بيل /بيين – (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
شهدت مدينة بيل/ بيين معرضاً فنياً بعنوان (مع أوراق) بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف في 20 يونيو/ حزيران، وذلك رداً على المصطلح المعروف في سويسرا باسم (بلا أوراق) لطالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم أو تم قبولهم بشكل مؤقت، وأعدادهم في سويسرا غير معروفة بدقة وتتراوح بين 90 إلى 250 ألف شخص.
ويحوي المعرض صوراً فوتوغرافية فردية لعشرة أشخاص من منغوليا وسوريا والجزائر وإيران وأفغانستان وإريتريا، مرفقة بوثائق عن تاريخ حياة كل شخص، كنماذج صامتة في مجتمع يجعلهم غير مرئيين…!
ولا يقتصر هدف المعرض على تسليط الضوء على هؤلاء الأشخاص فقط، إنما يخلق فرصة للحوار والنقاش بصوت مرتفع للمطالبة بحقهم للاعتراف بهم رسمياً ليعيشوا بأمن وسلام لا بكونهم مجرد أرقام.

نماذج حقيقية تعيش بيننا..
الفنان والمصور إنريك مونيوس غارسيه تحدث لـ (سويسرا والعرب) قائلاً: عملت في سويسرا أكثر من سبعين معرض ولكن هذا ثاني معرض مختص بقضايا اللاجئين، وفكرة تقديم نماذج واقعية تعيش بيننا، جاءت بجهود جمعية تسامح، وأهمية المعرض ليست بالصور الشخصية لهم فقط، إنما من خلال إرفاقها بصور أوراقهم المعبرة عن حالات العملية لنشاهد الواقع كما هو وردة فعل المجتمع عليه.
وعن رايه الشخصي بمثل هذه النماذج يقول: أعتقد أن بلدية بيل/بيين لم تعطي الأهمية الكافية لهؤلاء الأشخاص الذين يعيشون فيها وكانوا مغيبين، وهذا المعرض يريد إظهارهم ويعرف الناس بأنهم موجودين بينهم، لأن تهميش هؤلاء يتنافى مع حقوق الإنسان.
ورداً على سؤالنا لعدم تطرق المعرض لصور تشرح معاناة اللاجئين وعن حضور المسؤولين يجيب: يكفي أن الناس تصورهم بطريقة بشعة، وأنا أردت أن أظهرهم بطريق حضارية تعكس اندماجهم في المجتمع وفعاليتهم، ونحن دعونا جميع المسؤولين والمعنيين لزيارة المعرض وسنصر على زيارتهم ليحضروا ومدة المعرض أسبوع..

بطاقة لسكان المدينة
عضو مجلس البلدية آنا تانر ومسؤولة عن ملف المهاجرين والأجانب قالت لـ (سويسرا والعرب): ومن المهم جداً أن نلتقي في يوم اللاجئين مع هؤلاء الذين بلا أوراق ونتعرف على واقعهم ليكون الحوار معلنا ومستمرا ونتابعه على جميع المستويات.
وقالت: المشكلة ليست هنا في مدينة بيل/ بيين بل على المستوى الوطني، وهناك شروط في موضوع لم شمل العائلة لمن لديهم إقامة أهمها أن يعمل الشخص أو لديه دخل كاف وإذا كان الشخص لا يعمل أو ليس لديه أوراق نظامية لا يستطيع لم شمل عائلته..
ورداً على سؤالنا: هل أنت متفائلة على مستوى المدينة؟ أجابت تانر: من الصعب أن أجيب لأننا باستمرار نبحث عن حلول ولدينا اقتراح لإعطاء بطاقة تؤكد أن الشخص مقيم في المدينة لمن ليس لديه أوراق كخطوة أولى، لكن لا أعرف بالضبط هل سيتم اعتمادها بالحصول على سكن والدراسة والعمل وهذا يتطلب المتابعة والاستفادة من تجارب مشابهة..

اللاجئ هو إنسان لا رقم…!؟
وتحدثت نعيمة صروخ رئيسة جمعية تسامح لـ (سويسرا والعرب) قائلة: اليوم هو اليوم العالمي لمساعدة اللاجئين وجمعية تسامح ومنذ أربع سنوات تلتزم بهذا المناسبة وتطرح شعار حسن استقبال اللاجئين لأنه السبيل المهم لتسهيل الاندماج في المجتمع ونزع الكراهية، ولا نريد أن يكون طرفين هنا في سويسرا (نحن وهم) نريد أن نكون جميعاً طرفاً واحداً، ومن هذا المنطلق ننظم الاحتفال بيوم اللجوء.
وأضافت: بالنسبة لهذا العام الحملة الوطنية رفعت شعار(العيش معاً هو حق إنساني ) وعندما بدأنا مشروعنا بالصور اكتشفنا أننا نعيش مع كثير من الناس أوراقهم لا تسمح لهم لا بمغادرة سويسرا ولا بمزاولة عمل ولا بمتابعة الدراسة، بل أنه في بعض الحالات لا توجد أوراق نهائياً تعترف بهذا الشخص، ولهذا أسمينا هذا المعرض (بأوراق) لأننا نتعامل مع الانسان له أوراقه بماضيه وله أوراقه الآن التي يتلقاها على اعتبار أنه رقم، لكننا ننظر إليه كإنسان يعيش بيننا لانعرف حاجاته، ومسكوت عنه في الاعلام و السياسة إلا في المنافسات السياسية وغيرها، وهذا يحز في النفس ولا يساعد في الاندماج ولا في الصحة النفسية للمواطن في هذا البلد، لأن من يعيش على أرض سويسرا هو مواطن سواء حصل على أوراق أم لا.. فكيف تكون الصحة النفسية لهذا الشخص.. كيف نطالب منه أن يكون مواطناً صالحاً…!؟
مسؤولية جماعية
وعن هدف المعرض تقول صروخ: أردنا في هذا المعرض إعطاء صورة لهؤلاء الناس غير المرئيين، وهم على مستوى الاتحاد السويسري أرقام وأردنا في هذه الفعالية بحضور سياسيين ونشطاء المنظمات الحكومية وغير الحكومية، أن يتم الاعتراف بهم وبحقهم الإنساني حتى يكون هذا العمل مسؤولية جماعية لا ان يكون بيد فرد أو طرف سياسي لوحده في هذا الميدان ..!
وأشارت إلى أن وسائل الاعلام تتابع هذا الحدث مثل صحيفة (جورا) وراديو (ر ج ب) ووسائل اعلام للجاليات الأجنبية ومنها العربية والافغانية، إضافة لصحيفة الكنيسة البروتستانية التي تتجاوب بشكل جيد.
وأضافت: مثل هذا المعرض والاحتفالات بهذا اليوم تتابعها منظمات دعم اللاجئين السويسرية وهناك تقييم لليوم، ولسنا نحن الوحيدين وإنما في كل المقاطعات السويسرية، والتغيرات السياسية ستحصل لكنها في سويسرا لا تحدث بين عشية وضحاها، ومن المهم أن نبدأ ونعمل من أجل التغيير نحو الأفضل..
أخيراً عبرت رئيسة جمعية تسامح عن تفاؤلها قائلة: الشيء اللافت للنظر أن المهاجرين السابقين الذي حصلوا على أوراق هم أنفسهم يعملون للدفاع عن هؤلاء الناس، ويدركون أكثر من أي شخص آخر ما معنى أن يبقى الإنسان بعيدا عن أهله لسنوات طويلة أو لا يستطيع زيارتهم حتى في بلد مجاور أو يموت أفراد من عائلته ولا يراهم..
وقالت: طبعاً نحن متفائلين وأنا بالأصل لاجئة وحصلت على أوراقي بعد عدة سنوات ومررت بعدة مراحل حتى حصلت على الإقامة الدائمة واولادي حصلوا على الجنسية وهذا يحتاج إلى صبر والى جهد وأتذكر كل ذلك بعد عشرين سنة من الغربة.

أسباب صحية قاهرة.. ونموذج مشجع
وخلال المعرض وجدنا حالتين لم يتم إعطائهما حق اللجوء رغم الأسباب الصحية الصعبة، والحالة الأولى للشابة ميسون من سوريا والتي جاءت إلى سويسرا بفيزا إنسانية عن طريق الصليب الأحمر لإعطاء كلية لأخيها المريض – لديه إقامة ف- والذي يغسل كلاويه 3 مرات في الأسبوع، ولكن عندما تم فحصها لم يأخذوا منها كلية، فتقدمت بطلب لجوء ولاتزال منذ نحو عامين تنتظر الرد دون نتيجة، والطبيبة النفسية أكدت لها أنها لا تستطيع مخاطبة إدارة شؤون اللاجئين لمتابعة قضيتها.
وتأمل ميسون تحسين وضع إقامتها لتتعلم اللغة، وهي تحتاج إلى عملية جراحية لكي تتنفس بشكل طبيعي لأن تنفسها بطيء حالياً..
أما الحالة الثانية فهي لشاب جزائري ومقيم في سويسرا منذ ثلاثة سنين وبدون أي أوراق ولديه طلب لجوء إنساني وحتى هذا اليوم لا يوجد رد، لكنه هذا لم يمنعه من تكوين صداقات وعلاقات مع أناس كثر وإثبات جدارته بالعمل التطوعي..
يقول: قضيتي تتابع من طرف محامي وأتوقع خيراً، وهي تتعلق بالأمن الصحي لأنني أعاني من إعاقة وأعراض صحية صعبة العلاج في بلدي الام، وهذا السبب اضطرني للجوء إلى هذا البلد لأعيش حياة طبيعية إلى حد كبير.
ويضيف: أقول للناس الذين مثل حالتي أو سبقوني أو سيأتون لاحقاً عليكم ألا تفقدوا الأمل، رغم الإجراءات الصعبة في هذا البلد والتي تأخذ وقتاً طويلاً وأوراق كثيرة، وكل هذا لا يعني الإحباط، وأعطيكم مثلاً عني وأنا بدون أوراق ساعدت ناس بلا أوراق من خلال الترجمة وخبرتي باللجوء وحصلوا على أوراق وصار وضعهم جيداً وغالباً الذين لديهم لغة جيدة قضيتهم تنجح في نهاية المطاف..
لا أستطيع زيارة بنتي المريضة…؟
ويقدم المعرض عدة نماذج لمعاناة لم شمل العائلة، ومنها قصة سيدة سورية مقيمة منذ ثلاث سنين تقول: نحن تسعة أشخاص أنا وزوجي وسبعة أولاد بينهم ثلاثة عندهم مرض التلاسيما وإثنتان من بناتي متزوجات واحدة في سوريا لم أرها منذ عشر سنوات والثانية متزوجة في ألمانيا وهي مريضة وعندما كانت في المشفى لم أستطع زيارتها بسبب إقامتي المؤقتة (ف) وهذا يسبب لنا قلق نفسي كبير.
شاب مرفوض طلبه: أنا إنسان مثلكم لا شرير …!؟
أما الشاب الأفغاني راز الذي يتحدث الألمانية بطلاقة، فيقول: إن نظرة الآخرين لمن حصل على جواب الرفض لطلب لجوئه تعطي انطباعاً وكأنه شخص سيء، وأقول للناس والحكومة السويسرية: أنا أنسان مثلي مثل أي شخص آخر لكن الفرق الوحيد هو الأوراق، ولابد أن يعترفوا بي كإنسان وليس كشخص معزول ومهمش أو رقم..
يضيف لـ (سويسرا والعرب): أنا متزوج وزوجتي لديها إقامة ف بعقد شرعي في أفغانستان لكن لا تعترف عليه الدولة، واشترطوا لتحسين الإقامة وتثبيت الزواج أن تعمل زوجتي سنتين بدوام كامل، لكن ليس بهذه السهولة الحصول على فرصة عمل بأوراق إقامة مؤقتة.. !؟
وخلص للقول: الوضع الراهن خطير جدا لأنني متعب نفسياً، وأسأل: لماذا يترك طالب اللجوء بدون جواب لمدة خمس سنوات وبعدها يأتي القرار بالرفض، ولماذا لم يقرروا وضعه منذ البداية، وأنا لا أستطيع العودة إلى بلدي وهي في حالة حرب، وأعرف ناس كثر انتحروا ولا أحد يتحدث عنهم وبعضهم انتظر ثمان سنوات وحتى عشر سنوات ويأتيه قرار الرفض …!؟
ثلاث أيام لدعم اللاجئين
في كل عام، تساعد ثلاثة أيام للاجئين في سويسرا على زيادة الوعي بالقضايا المتعلقة بحماية وإدماج الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من بلدهم الأصلي، والأيام الثلاثة هي: يوم وطني ويوم أحد الكنيسة ويوم اللاجئ العالمي.
وبينما يُقام اليوم العالمي للاجئين بتاريخ 20 يونيو/ حزيران يقام الحدثان الآخران في يوم السبت الثالث من شهر يونيو/حزيران ويوم الأحد التالي له.
حملة سنوية
في اليوم الوطني للاجئين، تنظم المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين (OSAR) حملة سنوية لزيادة الوعي بالمشاكل التي يواجهها اللاجئون، وتشجع الأنشطة والفعاليات العديدة التي تنظمها المنظمات الشريكة لنا والعديد من المتطوعين في جميع أنحاء سويسرا
سيصادف اليوم الوطني للاجئين هذا العام في 19 يونيو/حزيران، ويوم الأحد في الكنيسة ويوم اللاجئ العالمي 20 يونيو/حزيران.
العيش ضمن أسرة حق إنساني
بمجرد وصولهم إلى سويسرا، يتم فصل عدد لا يحصى من الأشخاص عن عائلاتهم أثناء رحلتهم الطويلة والخطيرة في كثير من الأحيان، وغالبًا ما يقلقون لسنوات بشأن مصير أحبائهم، بسبب الأحكام التقييدية، ويتم استبعاد العديد من اللاجئين من إمكانية لم شمل الأسرة، ويولد هذا الفصل حالة من القلق اللاإنساني، والضغط النفسي ويعيق الاندماج.
لذلك فإن حملة منظمة مساعدة اللاجئين السويسرية OSAR ليوم اللاجئ هذا العام مكرسة بالكامل لعائلات اللاجئين، وذلك يهدف توعية السكان بالوضع الصعب للعائلات التي انفصلت قبل أو أثناء الرحلة، بما يساعد بتسهيل الوصول إلى لم شمل الأسرة وإزالة القيود الحالية.
يمكنك العثور على موقع الحملة على الإنترنت على قصص من اللاجئين الذين يأملون في لم شملهم مع عائلاتهم أو الذين سبق لهم تجربة ذلك.
حاجة إنسانية
العيش مع أفراد الأسرة هو حاجة إنسانية متأصلة، وفقًا للمبدأ الأساسي للإنسانية، تلتزم منظمة الصليب الأحمر السويسرية CRS بحماية هذه الحاجة الأساسية والحق في احترام الحياة الأسرية.