خانق (تاوبن لوخ) منتزه في قلب الجبال.. يخلد قصة الحمامة العاشقة..
· (سويسرا والعرب) – قاسم البريدي:
تُعرف سويسرا بانها خزان أوروبا من المياه، وأدت شدة تدفق الأنهار فيها مع مرور الوقت، إلى تشكيل أنفاق وخوانق في جبالها، تحولت إلى منتزهات ساحرة تجذب الناس إليها من كل مكان..
وخانق (تاوبن لوخ) Taubenloch قرب مدينة بيل/ بيين، هو نموذج لأحد عجائب الطبيعة المثيرة للدهشة، حيث ينحدر مسار المشي الممتع في هذا الخانق لمسافات 3 كيلو متر من خلال أرصفة آمنة، تارة صعوداً وتارة نزولاً، بمحاذاة أعماق سرير نهر سوز Suze، الذي يأتي من مسافات بعيدة في وادي سانت إيمييه Saint-Imier ضمن جبال جورا، ليخرج من الخانق باتجاه أراضي مدينة بيل/بيين، وصولاً إلى بحيرتها الشهيرة والتي تحمل اسمها.
لوحات تعريف
والدخول ضمن متنزه خانق (تاوبن لوخ) مجاني، والمسار مجهز بلوحات ارشادية عن الحيوانات والنباتات التي تعيش فيه، ويمكن زيارة محطة الطاقة الكهربائية في وسطه التي تعمل بقوة دفع مياه النهر.. وتستغرق الرحلة ذهاباً وإياباً ساعة.. وهناك أماكن للاستراحة وتناول الطعام في الهواء الطلق أوفي مطعم في الطرف الآخر..
ويربط مضيق (تاوبن لوخ) بين قرية فرينفيلييه Frinvillier ومدينة بيل/ بيين، ويعد العبور على جسور المشاة والمشي إلى الكهوف والممرات الصخرية متعة حقيقية، حيث يكتشف الزائر بنفسه كيف حفر نهر سوز طريقه في قلب الجبال، ليعود ويتدفق عند أدنى نقطة من الخوانق في حي بوجان في مدينة بيل /بيين، والذي يبعد ربع ساعة عن مركز المدينة وتتوفر وسائل النقل العام للوصول إليه من محطة القطار.
أما المشاهد داخل الخانق فهي تمثل لوحات فنية طبيعية متنوعة ليس لها مثيل في الأبداع، فنطلق لخيالنا العنان لنتمتع برؤية كل زاوية فيه بقوة.. ويعتبر الخانق أحد الوجهات السياحية المفضلة في المنطقة، بفضل الأجواء الرومانسية والهدوء اللطيف بعيداً عن صخب الحياة المعاصرة..
وتقدم أيضاً الجولة خلال الخانق نظرة ثاقبة على 150 مليون سنة من تاريخ الأرض، حيث يوضح التركيب الجيولوجي للمكان أنه كانت الأسماك ومخلوقات أخرى تعيش في العصر الجوراسي.
ويمكن للزائر اكتشاف هذه المشاهد الطبيعية بمفرده أو مع أسرته أو أصدقائه على رصيف آمن عبر هذه الأنفاق، وتوفر الرحلة مجموعة متنوعة من المناظر في شتى احوال الطقس، حيث يزداد جمالها في الأيام المشمسة أو الحارة لأنها باردة ومنعشة، وكذلك في الطقس غير المستقر أو الممطر فهي ممتعة كذلك لأنها محمية من الرياح.
قصة أسطورية
وظهر اسم Taubenloch لأول مرة في وثيقة يرجع تاريخها إلى عام 1532، وهناك عدة روايات تتعلق بمصدرها والبعض يقول أنها أتت من الحمائم التي أقامت في الماضي أعشاشها في الوديان ولهذا تترجم بالعربية (حفرة الحمامة)..
أما الرواية الثانية للاسم فتعود لأسطورة تحكي عن شاب طحان اسمه فالتر من حي بوجان في المدينة، أحب فتاة من قرية فرينفيليه وكانت جميلة ورشيقة بشكل لا يصدق، ولهذا دعاها الناس الحمامة الصغيرة، وأراد العاشقان أن يتزوجا لكن الفارس الرهيب إنجويراند Enguerrand الذي كان في قلعته روندشاتيل Rondchâtel ، هاجم موكب زفاف العاشقين فوق الخوانق وقتل الخطيب ليختطف الفتاة.
ومن أجل عدم الوقوع في أيدي الفارس، ألقت “الحمامة الصغيرة” نفسها في الخوانق واختفت هناك، وهي تحوم برفق مثل الحمامة، وبعد بضعة أشهر تم اقتحام القلعة وتدميرها وقتل الفارس.
ومنذ ذلك الحين يقال: الأزواج في الحب يسمعون أحياناً شكاوى ورثاء الفتاة الجميلة التي يتردد صداها في هذا المضيق الذي صار يحمل اسمها بين طرفي الجبال..