الفنان الصحراوي محمد سليمان لبات لـ (سويسرا والعرب) (2-1): أفلامي (مصير الفوسفات) و(عام الكور) ليست وثائقية.. إنما فنية تعكس حياة الصحراويين في مخيم الشتات…!
· (سويسرا والعرب) – بيل/بيين: قاسم البريدي:
كيف يعيش (الشعب الصحراوي) في الشتات، وتحديداً في مخيمات اللجوء بمدينة تندوف الجزائرية بعيدا عن الوطن الأصلي…؟ وكيف يبتكر أساليب مبدعة في حياته اليومية؟
هذا ما يجيب عليه الفنان والكاتب محمد سليمان لبات، من خلال عرضه مؤخراً لفلمين عن هذه المخيمات، وذلك في مدينة بيل/ بيين.. وكان لـ (سويسرا والعرب) هذا اللقاء معه.
في البدء هل تعرفنا على نفسك وعن زيارتك لسويسرا؟
أنا فنان وكاتب صحراوي اسمي محمد سليمان لبات، وأقوم بمعالجة قضايا مختلفة في المجتمع الصحراوي، وأتابع بشغف التغييرات الاجتماعية والبيئية في هذا المجتمع.
وحالياً أنا في زيارة فنية لسويسرا، ضيفا على مهرجان Culture Scapes والاقامة الفنية Atelier Mondial في مدينة بازل، وأعرض فيلمين فنيين من انتاج ستوديو موتيف للفنون.
- وماذا عن بداياتك ودراستك؟
أنا من مواليد 1986 في مخيم الداخله وهو أحد مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في الجزائر وترعرعت وكبرت في هذا المخيم، ثم تابعت دراستي بجامعة باتنه في الشرق الجزائري وحصلت على ليسانس إنكليزي ثم رجعت إلى المخيم.
- وكيف أصبحت فناناً غير عادي؟
انتهجت أسلوب (البحوث الفنية) حيث الفنان شخص لا ينتج فقط فنون ترفيهية، إنما يقوم بالتفكير والبحث والتجريب ويحتك بأوساط علمية توفر له الفرصة لمعالجة قضايا حقيقية، وهو بذلك يخرج من الدائرة التقليدية لإنتاج الفن، وهذه الممارسة أجدها مهمة لأنها تساعدني في معالجة قضايا مجتمعي.
- وكيف مارستها؟
تعاونت مع الفاعلين في الحقل الزراعي، وأبرزهم المهندس الزراعي الصحراوي طالب إبراهيم ولديه كامل المعرفة عن الممارسات الزراعية، واعتبر نفسي تلميذاً له وأتعلم وأفهم منه، وهو قدوتي في التغيير الذي يقدمه في مجتمعنا، من خلال تعريف الناس كيف يمكن ان يزرعوا.
وماذا عن النتائج؟
النتائج لهذا المزيج من الفن البحثي هو مجموعة من المقالات والأوراق البحثية التي نشرتها في مختلف الدوريات الأكاديمية، ومنها ثلاثة بحوث واحد في فنلندا والثاني في بريطانيا والثالث في السويد.
ومن النتائج الفنية كذلك فيلم (مصير الفوسفات) الذي شاهدتموه هنا في مدينة بيل، والفلم هو عمل فني وليس وثائقي وفيه لمسة فنية ومعالجة فلسفية لهذه القضية، ويحاول الفلم بطريقة غير مباشرة أن يمزج ما بين الممارسات المعاصرة للشعب الصحراوي في انتاجه للغذاء، ويمزجها ببعض الفلسفات والقيّم المستوحاة من طريقة عيش الإنسان الصحراوي التقليدية.
- ولماذا انتهجت هذا الأسلوب في انتاج الفلم؟
لأنه بالنسبة لي كباحث، تعتبر التراكمية المعرفية للإنسان الصحراوي في عيشه بالصحراء معرفة قيّمة جداً يجب ألا يستهان بها وتعتبر كنز.
ويعالج فلم (مصير الفوسفات)، بطريقة فنية كيف أن الشعب الصحراوي أُخرج من أرضه بسبب الاستعمار الإسباني والآن المغربي، وتم استنزاف ثروة الفوسفات في الصحراء الغربية، وكانت هناك حرب لمدة 16 عاماً من عام 1975 حتى عام 1991، وكنتيجة لهذه الحرب شُرد الإنسان الصحراوي إلى مخيمات اللاجئين في الجزائر وفي الصحراء الغربية.
وبالنسبة للفلم الأول (عام الكور).. أيضاً فيه ابتكار غير معروف؟
نعم الفلم الأول وهو فلم سردي قصير جداً مدته 10 دقائق، و(الكور) تعني الكرة وعام الكور يعني (سنة الكرات) لأن كلمة (الكور) هي جمع (كرات) بلهجتنا.
والشعب الصحراوي لديه طريقة خاصة في التعبير عن الزمن وهناك شيء اسمه (التقويم البدوي) وهو تقويم غير رقمي، وأما التقويم الغريويري أو الغربي كما نعرفه فهو يعتمد على الترقيم، بينما التعبير عن الزمن في الثقافة الصحراوية يعتبر موروثاً له خصوصية.
- لماذا؟
لأنه يعتمد على طريقة وصفية غير رقمية، وفي كل عام تحدث حادثة معينة أو أكثر، وقد تتعلق بالطبيعة أو النجوم أو الأرض أو النباتات أو في الحياة الاجتماعية وغير ذلك، فهم لا يقولون عام 2023 لكن لديهم اسم لما حدث مثل: (عام كورونا) أو (عام الفيل).
وبالتالي.. (التقويم الموسوم) يعتمد الأسماء بطريقة تقليدية للتعبير عن الزمن، وهي مندثرة الآن لم يعد لها استخدام، نتيجة دخول التكنولوجيا وتعلم الناس مختلف النواحي المدنية، ولكن الفائدة المهمة ان هذه الأسماء والتواريخ حفظت لنا معلومات ومعارف قيّمة جداً، لا يستهان بها وهي معارف عن حياة الإنسان في الصحراء عن ترحاله عن مناخه نباتاته أغذيته، فهي: أرشيف تاريخي.