آراء وحوارات

الاعلامي اليمني فراس شمسان: من يتكلمون أربع لغات يفهمون أفكارنا.. ومن يتحدث لغتنا الأم لم يستوعبها بعد…!؟

 (سويسرا والعرب) – حاوره قاسم البريدي

طائر شردته الحرب من اليمن الجريح، لكنه لم يهدأ ليكمل رسالته كإعلامي ومخرج أفلام، تنقل بين عدة دول ليستقر أخيراً في سويسرا، التي احتضنته ليكمل مشروعه من خلال برنامج (كُتّاب في المهجر)، حيث يستطيع العيش والعمل والنشر.

إنه الصحافي والناشط اليمني فراس شمسان، الذي رغم إصابته بكورونا لم يتوقف لحظة واحدة، ويتابع نشاطاته بحيوية تستحق الإعجاب والتقدير، و(سويسرا والعرب) كان لها هذا الحوار معه لنتعرف سريعاً على تجربته المميزة. 

س 1 – بداية.. كيف تعرف الناس عنك بكلمات قليلة.. من أنت؟

أنا شاب يمني نشأت في مجتمع يمزج بين تاريخ عريق من النهضة والثقافة، وبين حاضر حزين أفقده صفته الاصلية، فتحول من أشهر بلد ارتبط اسمه بالقهوة والسعادة حول العالم، الى بلد يشتهر كثاني أكبر بلد فيه اسلحه، وتمزقه الحروب والجماعات المتطرفة.

 اما على الصعيد العملي، فقد درست الاعلام والصحافة، وعملت لدي عدة مؤسسات اعلامية يمنية وعربية وعالمية، وتخصصت في مجال الثقافة، حيث اسست وساهمت في انشاء حملات توعوية واجتماعية، بالإضافة الى تأسيس صفحة تهتم بالشباب في بعض الصحف اليمنية. 

 كما أكتب مقالات في مواقع اخبارية محلية وعربية، وأقيم حاليا في سويسرا ضمن مشروع كاتب في المهجر. 

 كل ما احاول القيام به هو الطموح بالإسهام بصناعة تأثير ايجابي في محيطي، من خلال الوسائل المتاحة، وتذكير العالم بان هنالك جانب ايجابي لليمن يمثله الشباب الحالم بالمستقبل.

س2 – زميل فراس إذن جئت إلى هنا ضمن مشروع (كتّاب في المهجر) حدثنا عنه، وعن المشاركين فيه؟

هنالك ما يقارب من ٣٥ مدينة حول العالم مشتركة في هذا المشروع، وهو يهدف إلى منح الحماية والفرصة للكتاب والمثقفين والإعلاميين، الذين عانوا من الاضطهاد والقمع في بلدانهم الاصلية.

ويساهم المشروع ضمن هذا التوجه، في اتاحة الفرصة لهؤلاء الكتاب والاعلاميين في إنجاز أعمالهم الابداعية والثقافية، وذلك في منحة تمتد بين العام الواحد والعامين، واستطاع المشروع حتى الآن احتضان ١٣٧ كاتباً وفناناً حول العالم.

رسمياً انا اول ضيف على العاصمة السويسرية بيرن، ضمن هذا المشروع الذي انضمت اليه سويسرا مؤخراً بالشراكة مع نادي القلم السويسري الألماني.

ساهمت بحملات إعلامية لمكافحة القات والإرهاب

س3 – دعنا نعود سريعاً إلى تجربتك، أولاً في اليمن ووقوفك في وجه العادات الاجتماعية الخاطئة لاسيما (القات والتدخين).. هل هناك نتائج ملموسة في المجتمع؟

يعتبر تعاطي القات والتبغ من العادات الغير صحية، الاكثر تأثيراً في المجتمع اليمني، وما قمت به هو محاولة في الاسهام بتغيير بعض القناعات عبر حملات مثل ” حياتي أجمل بدون تدخين ” والتي لاقت صدى محلى وعربي ودولي.

ومن خلال هذه الأنشطة، ساهمت في العمل على وضع سياسات مكافحة التبغ والقات، وكذلك قوانين منع تعاطيها في المؤسسات الحكومية والمنتزهات، وهذه التجربة لاقت استحساناً كبيراً من منظمة الصحة العالمية آنذاك، وتم اختياري ضمن لجنة صياغة سياسات مكافحة التبغ في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا.

لكن.. كما تعلم توضع القوانين عندنا ليتم ركنها في الدروج، وهذا ما حدث في اليمن لأنه لم نصل لمرحلة احترام القوانين، وهي مرحلة تأخذ وقتاً طويلاً لفرضها خاصة في مجتمعاتنا، وهذا قائم اساساً على احترام المجتمع للقوانين وليس فقط فرضها…!

تلا ذلك حملات اخرى مثل ” معكم ” للتوعية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي وحملة ” مخك للتفكير مش للتفجير ” لمواجهة الافكار المتطرفة، ولتوعية الشباب بخطورة هذه الجماعات، وكيفية استغلالها لقدراتهم.

س 4 – ما أبرز المحطات الخارجية في سفراتك.. وهل صنعت فراساً جديداً؟

رحلتي من اليمن اخذت مسارات كثيرة، فقد زرت عدة دول عربية مثل مصر ولبنان وليبيا وسوريا والاردن والمغرب وتونس، وكان هذا ضمن برامج توعوية واجتماعية وثقافية، لكن أبرزها الاردن وماليزيا لانهما اول بلدان في مشوار لجوئي بعد اندلاع الحرب في بلدي.

ولا يمكنني ان اقول ان النزوح من اليمن والهجرة إلى المحطات الخارجية هي التي صنعتني من جديد، وانما تساهم على ترميم وتأهيل فراس للعودة الى سابق ما كان عليه.. وقديما قالوا: ان للسفر سبعة فوائد وانا هنا أحب ان اضيف فائدة ثامنة وهي ايجاد الذات.

س5 – ننتقل للحديث عن تجربتك في سويسرا..  ما سبب استضافتك.. هل يعود إلى مهنيتك.. أم لغتك الإنكليزية وعلاقاتك الشخصية؟

بكل تأكيد الاستضافة تمت على اساس تجربتي في العمل في قطاع الاعلام والمجتمع المدني، بالإضافة الى اللغة، التي تعتبر عامل أساسي لأي إنسان يوصل أفكاره واهدافه ويبسطها للآخرين.

 نحن نعيش هنا في مجتمع يتحدث أربع لغات، ورغم ذلك استطاع تفهم أفكارنا، فيما من يتحدثون لغتنا الأم لم يستوعبوا بعد ما يقال، ومن جانب آخر فإن النجاح والفشل يعتمدان على التجارب وتطوير الذات، واللغة وسيلة تسهل طريقك نحو التعلم والمعرفة. 

الغرب يهتم بالشخص نفسه لا بالصورة النمطية

س6 – هنا.. هل تعلمت اللغة.. وتعرفت جيداً على هذا البلد.. وهل يمكن للعرب الاستفادة من تجربة سويسرا؟

في سويسرا اللغة عامل مهم، وما زلت في طور التعلم الذاتي للغة، ورغم صغر مساحتها الا انها بلد كبير ومتنوع، واتمنى ان تتاح لي فرصة أكبر بالتعمق في ثقافتها.

اما بالنسبة للعرب، فإنني اعتقد ان الاستفادة التي يمكنهم الحصول عليها كثيرة، عبر تطبيق نموذج التجربة السويسرية لاسيما في مجالات اقتصاد المعرفة والانظمة واحترام القوانين.

س7 – الزميل فراس.. كيف وجدت الناس والفعاليات التي قابلتها.. هل رأيهم صحيح عن العرب؟

ما يعجبني هنا ان المجتمعات الغربية لا تحكم على الناس من خلال الصورة النمطية، ولكنها تهتم بالتعرف على الشخص نفسه، وما الدور الذي يقدمه بغض النظر عن بلده الاصلي وثقافته، وهذا ما لمسته فعلاً على أرض الواقع..

وهم عموماً يحبون التعرف على البلدان من روايات أهلها وقصصهم مباشرة لا من الصورة المسبقة التي يسوقها الاعلام غير المحايد، وهذا ما احاول تقديمه كأعلامي عن بلدي عبر الانشطة والفعاليات التي احضرها.

(تذكرة باتجاه واحد) روايتي القادمة عن اليمن

س8-  لنتحدث عن مشروعاتك بالتفصيل.. أولاً الرواية عن رحلتك كصحفي وناشط في المجتمع المدني.. وثانياً كتابك عن الشعر اليمني؟

(تذكرة باتجاه واحد) هو عنوان الرواية التي حاولت من خلالها استعراض بعض المحطات التي مرت بها اليمن وفق مشاهداتي الميدانية، وهي تعكس بشكل عام تجارب وابعاد شخصية حول الحراك الشعبي في اليمن، والاحداث التي مررت بها سأنشرها لأول مرة من وجهة نظر شخصية وليس كصحفي، ويتوقع صدورها في فبراير/شباط القادم.

اما الكتيب الخاص بالشعر فهو في طور الترجمة، وقد اخترت مجموعة من القصائد من كتاب يمنيين شباب من مختلف المناطق، ليحكوا عن اليمن الذي لا يعرفه الغرب، اليمن الجميل الذي نفتقده كثيراً.

س9 – وماذا عن مذكراتك وكتاباتك عن سويسرا هل دونتها أم وثقتها بالكاميرا.. وما أبرز النشاطات التي تابعتها؟

خلال فترة تواجدي في سويسرا قمت بتوثيق بعض رحلاتي وزياراتي، عبر قناة اطلقتها على منصة يوتيوب تحت اسم ( فلاشتاين )، بالإضافة الى توثيق رحلاتي عبر حسابي الشخصي على منصة انستجرام.

هذا على الصعيد الشخصي، واما على الجانب العملي فقد كان لدي الفرصة بالمشاركة في انشطة وفعاليات كثيرة، ومنها تقديمي لعروض ومحاضرات وندوات على مستوى سويسرا ودول اوروبية مثل هولندا والسويد.

س 10 – ماذا عن مشروعاتك الإعلامية الخاصة هل أعدت إحياء قناة (Fantime)؟

حالياً اعمل على مشروع اعلامي قادم، بالإضافة الى إطلاق (فن تايم) بشكل كلي وجديد في القريب العاجل.

س11– بعد انتهاء فترة الاستضافة لمدة عامين.. ما الذي ستفعله؟

بالنسبة لي نهاية هذا المشروع يشكل بداية للانطلاق من جديد بروح جديدة ودافع أقوى خاصة أني أريد الاستمرار في مجال صناعة الافلام الوثائقية. 

س 12 – وماذا تفكر في المستقبل.. وهل من كلمة أخيرة للإعلاميين الشباب؟

انا لا أفكر بالمستقبل لأنه ببساطة هو نتاج ما نخطط له اليوم، كل ما نطمح اليه هو ان يأتي الغد وقد انزاحت عنا غمة الفيروس الذي أثر بشكل سلبي على الانتاج والعمل في العام 2020.

اما بالنسبة لكلمتي للإعلاميين، فاني أقدم لهم نصيحة بتعلم تقنيات الاعلام الجديد، والتي ستلعب دوراً كبيراً في تحديد شكل الاعلام في المستقبل القريب.

تصويرHarshkumar

من هو فراس شمسان؟

  • اعلامي وصانع افلام يمني عمره 33 سنة. 
  • عمل في مجال الثقافة والاعلام في اليمن، ومراسلا لعدة قنوات ومواقع عربية وعالمية.
  • أسس منتدى الاعلاميين الشباب بالإضافة إلى تخصصه في جانب الحملات الإعلامية المتعلقة بالتوعية بالعادات والظواهر السلبية في المجتمع اليمني. 
  • أسس موقع (فن تايم للتنمية الثقافية) والذي تحول لاحقاً لمؤسسة ثقافية.
  • يقيم حاليا بصفته ضيف كاتب على مدينة بيرن السويسرية، وذلك ضمن مشروع كتاب في المهجر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *